الرئيسية » مقالات / التسامح المفترض و التنوع المنشود

التسامح المفترض و التنوع المنشود

مصنف فى :مقالات
  • زيارات : 1٬188 | تعليقات : 0
  • بتاريخ : 7 نوفمبر 2010

شهدت جلسة المجلس البلدي المنعقدة  في الاسبوع الماضي طلب إقامة كنيسة للروم الكاثوليك في منطقة المهبولة. و قد صاحب هذا القرار حوار و جدل. و دون النظر إلى حيثيات موضوع الطلب، فإنه لمن المخجل أننا ما زلنا في الكويت نتجادل حول السماح بإقامة مكان للعبادة سواءاً للمقيمين المسيحين أو غيرهم، كما أنه من غير المنطقي أن يقبل الكويتيون و هم من لا تتعدى نسبتهم الـ 28% من السكان أن يفرضوا نمط حياتهم على كل من يعيش على أرض الكويت. ففي الكويت ما يزيد عن ستمائة ألف آسيوي من مختلف الجنسيات و الأعراق و الأديان تزيد نسبتهم عن 25% من السكان. كما أن هناك ما يزيد عن مليون عربي قادمون من أرجاء الوطن العربي من محيطه إلى خليجة تقترب نسبتهم من 30% من السكان و ينتمون لثقافات مميزة و خاصة و ينتمون لأديان و طوائف مختلفة. 

إن الكويت بلد صغير تميز بانفتاحة و ازدهر بفضل قوة تواصله مع العالم. إنه شعب رغم قلة عدده يتكون من خليط من الأعراق و الثقافات، كما أن السنوات الستون الأخيرة و مع الطفرة المصاحبة للنفط قد فتح أبوابه لاستقبال مئات الألوف من الوافدين الذين ساهموا و ما زالوا في جهود التنمية و البناء. ثم إن أزمة الكويت و احتلال العراق له، ادى إلى انتشار اللاجئين الكويتين في أنحاء العالم و طلبهم للدعم و العون من كافة شعوب الأرض، و الذي قاد جيوش أكثر من ستون دولة للقدوم إلى أراضي المملكة العربية السعودية للمشاركة في جهود الحرب التي قادت إلى التحرير و من ثم الإعمار.

إننا بحاحة لنشر ثقافة التسامح التي تبنى على العدالة و العقلانية  في التعامل مع من يختلف معنا في الأصل و الفكر و الدين. إن التسامح لا يعني أن نلغي الإختلاف أو ان نتبنى أفكار الغير، و لكنه يوفر للآخر مساحة من الحرية التي تسمح له بممارسة إعتقاداته و اسلوبه في الحياة بكرامة. إن عدم التسامح يؤدي إلى الفرقة و اتساع الفجوة بين فئات المجتمع الواحد، و االذي قد يقود إلي الممارسات العدائية و الغبطة.  كما إن انتشار عدم التسامح قد يقود إلى انتشار الفساد و إلى نمو الثقافات المتطرفة التي تعمل على هدم المجتمع.

يجب أن نعي أن التقدم و الإزدهار مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتنوع الإجتماعي الثقافي و الإثني. و العالم المتقدم و المدن المزدهرة بشكل خاص أصبحت تعمل وفق خطط حثيثة لدعم التنوع الاجتماعي. إن المجتمع الذي يضم فئات مختلفة من الأجناس و اللغات و الثقافات و الأديان هو مجتمع غني يمتلك ميزة و ثروة. و لكي يتم استغلال هذه الثروة فيجب العمل على تدعيم مبادئ العدالة و المساواة و إرساء أسس التكافؤ و توفير مقومات الحياة الكريمة لكافة شرائح المجتمع مهما انخفضت النسبة التي تمثلها أو ضعفت قوة تأثيرها السياسي.

إن الدستور الكويتي وفر القاعدة التشريعية التي أسست لمبادئ المجتمع المتسامح و العادل، كما أن التكوين الحكومي لمجلس الأمة (التشريعي) و المجلس البلدي، تملك فيهما الحكومة الأغلبية اللازمة لتمرير ما تريد من قرارات و قوانين. و لذا تبقى الحكومة … الملام الوحيد في عرقلة أي قرار يسمح بإقرار أي تشريع أو تخصيص قطعة أرض لإقامة مكان عبادة لأي فئة أو طائفة.

إننا بحاجة لمزيد من الشفافية لتوضيح الأسس و المعايير التي يتم على أساسها قبول أو رفض أي قرار تخصيص، لكي لا يتم الرفض بناءاً على الأهواء و الرغبات أو الخضوع لضغوط الناخبين و العامة. يجب أن يكون الصالح العام هو الحكم في اتخاذ أي قرار. إن تخصيص دور العبادة يجب أن يخضع لمعايير فنية صرفة كتوفر المساحة اللازمة و مواقف السيارات و الحصول على موافقة الجيران لضمان تفادي أي إزعاج يسببه الصوت أو الإزدحام. و خلافاً لذلك يجب أن تكون الكويت حاضنة لكل مواطن و مقيم إختار أن يعيش على هذه الأرض وفق القانون، ما دام محترماً للعادات و التقاليد المحلية.

+ وسوم الموضوع :

إكتب تعليقك