النمو العمراني في الكويت سريع جداً و لا يمكننا إيقافه، لكن علينا أن نسعى إلى فحسن إدارته، لتحقيق أفضل النتائج اليوم و حماية حقوق الاجيال المستقبلية في بيئة عمرانية ناجحة و قابلة للحياة.
علينا أن نعي دائماً أننا مقبلون على تحديات اقتصادية و بيئية كبيرة تستوجب حلوللاً عمرانية مختلفة و نمطاً حضرياً يختلف عن النمط الذي نتبعه اليوم.
و إلحاقاً للتدوينة السابقة، أود أن اكتب عن الكثافة، حيث أنها تعد أحد أهم أدوات تشكيل البيئة الحضرية.
إنني أدعو إلى الرفع التدريجي للكثافات الإسكانية كحل أمثل و لا بديل عنه لمعالجة المشكلة الاسكانية و التجاوب الواقعي مع متطلبات المستقبل.
إلا انه من الملاحظ و بشكل عشوائي غير منظم، فقد ارتفعت الكثافات منذ عام 1979 حتى هذا اليوم.

جدول يوضح ارتفاع نسب البناء في الكويت منذ عام 1979 إلى عام 2012

من المعلوم أن الكثافة تحددها مجموعة من المعايير التنظيمية كحجم الارض و نسبة تغطية الأرض و نسبة البناء و الارتدادات و نسبة البناء و الارتفاعات. بالإضافة إلى عوامل أخرى اقتصادية و اجتماعية تدفع نحو رفع أو خفض الكثافات.
و يرى كثير من الناس أن ارتفاع الكثافات سيؤدي بالضرورة إلى تدهور البيئة الحضرية و انخفاض مستوى الخدمات و تردي جودة الحياة. و هذا بلا شك اعتقاد خاطئ. فجودة الحياة و البيئة العمارنية تعتمد علة معايير تنظيمية و تصميمية و إدارية لا علاقة مباشرة لها بالكثافة. و إن الضواحي الراقية في المدن العالمية حيث يسكن الناس في شقق ضمن عمارات عالية أكبر دليل على ذلك.
أعود مرة أخرى للإشارة إلى أهمية النظر في فوائد رفع الكثافات الإسكانية و هي كثيرة و منها:
• خفض معدل استهلاك الاراضي الفضاء و التي تؤثر على المخزون المناسب من الأراضي لاستغلال الأجيال القادمة.
• إن تكلفة البنى التحتية تكون أكثر كفاءة ضمن المناطق السكنية ذات الكثافات العالية.
• إن الكثافات السكانية العالية تعمل على تقصير الطرق و بالتالي تخفيض ممدد الرحلاث و خفض التلوث الناتج عن وسائل الحركة و النقل.
• إن المناطق السكنية ذات الكثافة العالية و المتوسطة توفر خيارات متعددة من المساكن لاحتياجات المجتمع المختلفة من أنماط السكن (أسرة صغيرة – أسرة ثنائية – أفراد … الخ).
• رفع الكثافة و بالتالي عدد السكان في منطقة مما يساعد على دعم الأنشطة التجارية في المنطقة.
• و من أهم فوائد المناطق ذات الكثافة العالية و المتوسطة هو دعم اقامة وسائل النقل العام و توفير العدد المناسب من الركاب.
و هنا تجدر الإشارة أنه أننا عندما ندعو لرفع الكثافات، فهذه ليست دعوة مفتوحة، بل يجب أن يصاحبها وضع إجراءات تهتم بالشكل و التصميم و تخصيص الخدمات المناسبة و التخطيط الحضري عالي الجودة.