عام جديد … و أسلوب جديد
مصنف فى :مقالاتمع بداية العام الجديد، علينا أن نجدد التساؤل عن حال العمارة و تصميم المدن …
نستقبل العام و كافة المدن العربية من المحيط إلى الخليج .. الثرية منها و الفقيرة … الكثيفة منها و المتناثرة … تعاني من مشكلات حقيقية و تبتعد بإضطراد عن الشكل المنشود للبيئة الحضرية.
و من المؤسف أننا مازلنا نحاول أن نعالج مشكلاتنا بذات الأدوات التقنية الجافة التي أثبتت فشلها … و بعد قرون من التطور التقني الملحوظ … نجد إشكالات مدننا تراوح مكانها إن لم تتفاقم و تزداد سوءاً و قتامة.إن دراسة المدن يجب أن تبنى على أسلوب مختلف يحرر العقل من القيود الهيكلية التي فرضتها المناهج التقليدية العقيمة. و يجب أن تنطلق من مفاهيم الحداثة الحقيقية التي تُعرف بكونها حركة خلق مستمرة قائمة على البحث الدائم و العطش لكل ما هو جديد.
و هنا أود أن أقتبس من مقال للأستاذ نسيم نوري، سرد به مجموع مظاهر الحداثة الشعرية أردت أن أسقطها على عمليات الإبداع في تصميم و تخطيط المدن، و أخترت منها أربعة جوانب هي الإنسان و الإبداع و التحرر و الرفض.
أولاً: مركزية الإنسان:
يجب أن يكون الإنسان هو محور إهتمام المصمم و المخطط. و إن إقامة القرارات بناءاً على مدى ملائمتها و خدمتها للإنسان … كل إنسان … لا على الحركة المرورية و لا على الإقتصاد و لا على خدمة الحاكم.
ثانياً: السعي للإبداع:
يجب أن نعطي مجالاً للإبداع، و أن لا نخشى من تجربة الجديد … علينا أن نتوقف عن تكرار الحلول التقليدية … و أن نتحرر من أمان المُجرب.
ثالثاً: الموقف المتحرر من التراث:
إن إعتزازنا بالتراث لا يعني التشبث الأعمى به، علينا أن نسعى لتحقيق “الإنفصال النوعي ’عن التراث’ أو محاولة صهر الماضي و الحاضر ليصبح ’العمل الإبداعي’ مادة الدخول للمستقبل” ص 252.
رابعاً: رفض الواقع:
إننا لم نصل إلى ما توصلنا إليه إلا بعد أن رفض أجدادنا واقعهم … و لكي نتمكن اليوم من إحداث أي تغيير إيجابي فعلينا أن نشجع هذا الرفض و أن نعبر عنه بمختلف الوسائل … “الدعوة إلى التملل من واقع ما، قد يكون عبثياً أو يتضمن في حقيقته دعوة إلى الهدم، و ليس هناك من تغيير لا يسبقه رفض.” ص 252.
و ختاماً فإن مركزية الإنسان و تشجيع الإبداع و دعم التحرر و رفض الواقع … هي مفاتيح التقدم لكل العلوم و المجالات، و دون الخةض في أغوارها لن ترى مدننا أي تحسن ملموس.
- المصدر: نسيم خوري. الحداثة و حركة الخلق المستمرة. الحداثة في المجتمع العربي: القيم، الفكر، الفن. 2008.