أرشيف الوسم: الإسكان

لنحافظْ على الصَّوابرِ … لنحافظْ على جزءٍ منا

مصنف فى :مقالات
  • زيارات : 762 | تعليقات : 0
  • بتاريخ : 12 يناير 2019
الرابط الدائم لـِ لنحافظْ على الصَّوابرِ … لنحافظْ على جزءٍ منا

قد يتساءل البعض عن أهمية مشروع الصوابر، ولماذا ينادي البعض للمحافظة عليه وإيقاف عملية هدمه؟! لقد قاد مجموعة من الناشطين والمعماريين البارزين جهوداً حثيثة لثني الحكومة عن المضي في قرار الهدم، ومنهم: م. ديما الغنيم، و م. دلال الحشاش، و د. أسيل الرقم، و د. محمد الجسار و د. حسن أشكناني وغيرهم، وفي هذا المقال أحاول أن أسرد بعض الأسباب التي أراها جديرةً بإقناع صاحب القرار والرأي العام بالمحافظة على المشروع وإعادة تأهيله:

 

1- إنَّ الجميل والمفيد يتغير مع مرور الزمن؛ لذا فإنَّ ما نراه قبيحاً اليوم، قد يكون بنظر أجيال المستقبل جميلاً، وكذلك ما يبدو لنا عديم الفائدة، قد تتمكن الأجيال القادمة من استغلاله بأساليبَ أمثل.

2- إنَّ مشروع الصوابر يُعبِّر عن روحِ فترةٍ زمنيةٍ مهمةٍ، ويحمل جزءاً من تاريخ الكويت؛ فهو مَعْلمٌ معماريٌّ وحضاريٌّ وثقافيٌّ يُعبِّر عن سماتٍ ومعاييرَ لحِقبةِ الثمانينات في دولة الكويت، وما صاحبها من نهضةٍ ونموٍّ.

3- كذلك – بغض النظر عن مدى جودة التصميم، وعن آرائنا حول نجاح المشروع أو فشله- فقد آوى المشروع عدداً كبيراً من الأسر، و قضى فيه مجموعةٌ من الناس فتراتٍ من حياتهم، وعلى هذا فإنَّ المبنى والمكان يحمل ذكريات ومعانيَ، فللأمكنة قيمةٌ لما تحمله من ذكريات للأحداث والأوقات، والمدن بشكل عامٍّ تكون قيمتها من مجموع هذه الأماكن التي تحمل المعاني و الذكريات.

4- مشروع الصوابر ذو معمارية عالية، حيث أنه مَعْلمٌ قام بتصميمه أحد المعماريين البارزين وهو المعماري الكندي آرثر إريكسون، وسواءً اتفقنا أم اختلفنا حول مدى نجاح التصميم أو فشله، إلا أنَّه يعد تجربةً معماريةً حاولت التجاوب مع البيئة الكويتية، والمتطلبات الاجتماعية الخاصة؛ لذا من الضروري أنْ يبقى المشروع شاهداً للأجيال والمهتمين؛ بهدف دراسة هذه التجربة وتقييمها.

5- لقد بُذِلَ جهدٌ كبيرٌ في صناعة هذه المشاريع العملاقة، ولابد أنْ ندرك أنَّ هذه الجهود البشرية، والأوقات، والخبرات، التي استغرقتها فترات التخطيط، والتصميم، والإنشاء، والتوزيع، وغيرها، هي جهودٌ ذات قيمة، وإنَّ التوجه السريع لهدم المشروع سيؤدي إلى هدر هذه الجهود.

6- لقد أدرك العالم اليوم -أكثر مما مضى- أهمية المحافظة على المباني القديمة، وإعادة تأهيلها عوضاً عن هدمها؛ لما في ذلك من دور في حماية البيئة من خلال تقليل الهَدْر في المواد والموارد، والدول المتقدمة تحرص على مراعاة البيئة، والمساهمة في اتخاذ القرارات التي تعزز من مصداقيتها في حمايتها.

7- قبل الشروع في هدم المشروع، يجب النظر إلى الجوانب الاقتصادية والمالية كذلك، ودراسة ما إذا كان إعادة تأهيل المشروع لاستعمالات أخرى مجدياً وأكثر جاذبية، فبالنسبة للمستثمر فإنَّ هذا يُعد من أهم المعايير، فلماذا لا تتم دراسة البدائل المتاحة، وتحليلها مالياً، ثمَّ دعوة المستثمرين والمطورين للتنافس بوضع بدائل وحلول؛ ليتم اتخاذ القرار بناءً على معطيات صحيحة؟!

8- عمرانياً مشروع الصوابر يملك فرصاً تؤهله ليكون إضافةَ نوعيةَ لمدينة الكويت، فهو قادرٌ على أنْ يكون مشروعاً مثالياً متعددَ الأنشطة، بحيث يجمع بين السكن، والعمل، والترفيه، ويوفر مساحات تجارية للأعمال الصغيرة، والمبدعين، ومن يبحث عن أسلوب حياة مختلف، بينما مدينة الكويت ينقصها التنوع، ومتخمةً بتكرار النماذج التجارية العادية التي لا تضيف شيئاً لجودة البيئة العمرانية في الكويت.

 

ختاماً، إنَّ أخطر شيءٍ هو التَّسرُّع في اتخاذ القرارات الكبيرة، فلنحذرْ من الثقة الزائدة بأنَّ ما سنقوم به في المستقبل سيكون أفضل مما هو قائم، فلنتريثْ قليلاً ولندرسْ بتأنٍ فلدينا كثيراً من الكفاءات المهنية ومن المطورين الحذقين القادرين على صناعة الفرص والاستفادة منها  بأسلوبٍ مستدامٍ.

City Time … a Design Challenge

مصنف فى :مقالات
  • زيارات : 699 | تعليقات : 0
  • بتاريخ : 27 ديسمبر 2018
الرابط الدائم لـِ City Time … a Design Challenge

Time passes over cities and leaves its impact on people and buildings alike. Time is relative, and its impact varies from one location to another. Similarly, science and technology impact the notion of time and affect the way people live everywhere. Life in the country differs from city life in terms of timing and the need for speed. In traditional societies, seasons govern the way people use space; and for Muslims, the five prayer times determine their daily activities.

With modernization and the changing nature of work, work became a routine; and the clock now rules the daily activities of people. Also, means of transport altered the way people view time. While in the past walking controlled how we perceived time, today the vehicle speed organizes how people communicate.

Additionally, the mobile phone revolutionized communication.  It removed barriers from the public and private spheres. It canceled the notion of space completely. As such, people’s activities could take place anytime, anywhere; and as a result, the physical place lost its value completely.

Even buildings that used to be designed and built to last were designed carefully with attention to minute details that allow pedestrians to enjoy their elegant facades. Today, buildings are designed, built swiftly and expected to last for 40 years only. We no longer justify the need to supplement buildings with details as the fast-moving eyes can only notice their silhouettes.

Places and buildings carry traces of memories, meaning and history. Thus, world cities preserve historical sites and buildings. Cities act beyond that and also preserve modern buildings that carry architectural and historical significance. We can import stones and technology, but we can’t buy history, memory and meaning. Such intangible qualities carry the secrets of specificity, the chests of the past and the keys to the future.

We need to replant the value of place and time through the design of our cities, public spaces and architecture. The built environment determines the quality of the places we live in. When designed carefully, it can create a lively environment that brings us to reality and enriches our daily experiences.

مواقيتُ المدينةِ … وتحدِّي التصميمِ

مصنف فى :مقالات
  • زيارات : 664 | تعليقات : 0
  • بتاريخ : 26 ديسمبر 2018
الرابط الدائم لـِ مواقيتُ المدينةِ … وتحدِّي التصميمِ

يمرُّ الزمنُ على المدن تاركاً أثره على البشرِ والحجرِ، ولكنَّ الزمنَ نسبيٌّ وتأثيره يتفاوت من مكانٍ إلى آخر، ومن الملاحظ بأنَّ التغييرات العلمية والتقنية تُلقي آثاراً كبيرةً على مفهوم الزمن، كما تؤثر بشكلٍ مباشرٍ على حياةِ النَّاسِ في كلِّ مكانٍ، فالحياةُ في الرِّيف تختلفُ عن حياة المدينةِ من جهة التعارفِ على المواقيت والحاجة لسرعة الحركةِ، ففي المجتمعِ التقليديِّ كانتِ المواسمُ تحدِّد طبيعة استخدام المكان، وكانت مواقيتُ الصلاةِ بالنسبة للمسلمين تُقسِّمُ أنشطة اليوم.

ومعَ الحداثة وتغيُّر أنماطُ العمل، أصبحت طبيعةُ العمل روتينية، وغدتِ الساعةُ هي التي تحدد مواعيدَ الناسِ، وكذلك غيَّرت وسائل النقل من مفهوم الناس للزَّمن، فبعد أنْ كات سرعة المشي تحكم فَهْمَ الناسِ للزمن، أصبحت سرعةُ السيارةِ هي من ينظِّم طبيعة المواعيدِ بين الناس.

كذلك فإنَّ الهاتف النقال أحدث نقلةً كبيرةً في مجال التواصل، فقد عمل على إلغاء الحواجز بين الخاصِّ والعامِّ، بل يمكن القول أنَّه ألغى مفهوم المكان كليًاً، حيث أصبحت أنشطة الناس تتمَّ في أيِّ وقتٍ وأيِّ مكانٍ، وعلى ذلك فَقَدَ المكان الحقيقي قيمته.

حتى المباني العامة التي كانت في الماضي تُصمَّمُ وتُبْنَى لتبقى، إذ كانت تُصمَّم بعنايةٍ فائقةٍ وتفاصيلَ دقيقةٍ تُتِيح للماشي على قدميه أنْ يتمعنها بعنايةٍ، ويستمتعُ بواجهاتها، أمَّا اليوم أصبحت المباني تُصمَّم بسرعةٍ وتُبنى لتعيش أربعين سنة فقط، كما لم يَعُد من الضروري إثراؤها بالتفاصيل؛ وذلك لكون الإنسان المسرع من أمامها أو بعيداً عنها لن يتمكنَ إلا من رؤية شكلها العام.

إنَّ الأماكن والمباني تحمل الذاكرة والمعنى والتاريخ؛ لذلك تحرص المدن على المحافظة على الأماكن التراثية والمباني التاريخية، بل تتعدى ذلك إلى المحافظةِ على المباني الحديثة ذات القيمة المعمارية الفريدة والمميزة.

إننا بإمكاننا استيراد الحجر والتقنية، ولكننا لا يمكننا شراء التاريخ والذكريات والمعاني المتجذرة في الأرض، هذه فقط التي تحمل سر الخصوصية وصناديق الماضي ومفاتيح المستقبل.

لذا فنحن بحاجة لإعادة القيمة لمفهوم الزمان والمكان من خلال العناية بمدننا وأماكننا العامة ومبانينا؛ لأَّنَّها تصنع المكان الذي نحيا فيه، ومتى ما صُمِّمَت بعنايةٍ يمكنها أن تخلق بيئة غنية تعيدنا إلى عالم الواقع وتُثري تجربتا اليومية.

عواصفٌ موسميَّةٌ ومدنٌ ذكيّــــَةٌ

مصنف فى :مقالات
  • زيارات : 798 | تعليقات : 0
  • بتاريخ : 24 نوفمبر 2018
الرابط الدائم لـِ عواصفٌ موسميَّةٌ ومدنٌ ذكيّــــَةٌ

تعرَّضت الكويت وبعض بلدان الخليج العربي لموجة أمطارٍ غزيرةٍ استثنائيةٍ، حطَّمت المعدلات القياسية، وتركَّزت عند ساعات محدودة، وفاقت القدرة الاستيعابية لشبكات تصريف مياه الأمطار، الأمر الذي أدَّى إلى حدوث فيضانات في بعض الطرق والمناطق الحضرية، مما خلّف أضراراً جسيمةً في: الممتلكات الخاصة والعامة، وتسبَّب بشللٍ في حركة الناس والأعمال، وأدَّى إلى خسائر مباشرة وغير مباشرة بلغت بحسب التقديرات الحكومية في دولة الكويت إلى 300 مليون دينارٍ كويتي.

فهذه المياه التي تسيل ويتم تصريفها باتجاه البحر، تجرف معها أنواعاً مختلفة من الجراثيم والبكتيريا والميكروبات، التي تؤدِّي إلى حدوث عددٍ من المشاكل البيئية والصحية، إلا أننا يجب أن ندرك بأنَّ المشكلة الأساسية تعود إلى التغييرات الجغرافية الكبيرة التي أحدثناها، والتوسُّع العمراني، والتَّعمير الذي غطَّى مساحات شاسعة من الأرض، إذ أنَّ تغطية مساحات واسعة بالإسفلت والبلاط والمباني والمنشآت أدَّى إلى إعاقة حركة السيول، ومنع امتصاص الأرض للمياه.

إنَّ الحلَّ التقليدي هو إنشاء شبكاتٍ فعَّالةٍ، وحفر أنفاق عميقةٍ، وخزَّانات تكلِّف ملايين الدنانير؛ لمعالجة هذه الظواهر الطبيعية، و لكن -كأي مشكلة معقدة- فإنَّ هذه الأمطار الموسمية تتطلب حلولاً وإجراءاتٍ مُركَّبةً، وهذه الإجراءات المُركَّبة قائمةٌ على ثلاثة محاور رئيسية: الوعي المجتمعي، واحترام البيئة الطبيعية، والتصميم الذكي.

 

الوعي المجتمعي:

لا يمكن إقامة مدينةٍ ذكيَّةٍ دون مواطنين أذكياء، فالمواطن الذكي يُعطي أولويةً للمحافظة على البيئة، وينشِّط حكومته ويساندها؛ من أجل تنفيذ مشاريع صديقة للبيئة، كما أنَّ المواطن الذكي يدعم خطط الحكومة في إنشاء مشاريع حديثة لتطوير شبكات الصرف، وغيرها من البنى التحتية الصديقة للبيئة.

المواطن الواعي فرداً كان أو مؤسسةً تجاريةً،  لا يخرق القوانين و لا يرمي النفايات في شبكات الصرف،  ولا مانع في أنْ يقوم المواطن في المساهمة في الحفاظ على البنية التحتية، وإبقائها نظيفةً وسليمةً.

 

احترام البيئة:

المدينة الذكية تحترم البيئة وتتكامل معها، والقرارات الاستراتيجية كتخصيص مواقع المدن يجب أن تراعي الطبيعة الطبوغرافيا، و مهما يكن الضغط السكاني والسياسي، فإنِّ بعض الأراضي يجب أن تترك خاليةً !

 

التصميم الذكي:

إن إقامة المدينة الذكية يبدأ من فكرة التصميم الذكي، المبني على المعلومات الدقيقة، والفهم العميق للموقع، والطبوغرافيا، والتاريخ، ويجب أن يتماشى شكل المدينة وتوزيعها مع طبيعة الأرض وميولها والممرات الطبيعية لمرور السيول، كما يجب أنْ تضم المدن فراغات كافية لتجميع مياه الأمطار، ومساحات خضراء مفتوحة تمكن التربة الطبيعية من امتصاص مياه الأمطار، وحتى ممرات المشاة المبلطة يجب أن تنفذ بأسلوبٍ يسمح لمياه الأمطار من المرور خلالها، ثمَّ الوصول إلى باطن الأرض، كما أنَّ المزروعات التجميلية يمكن تنفيذها بأساليب تسمح بمرور أكبر قدر من مياه الأمطار الفائضة إلى باطن الأرض، ومن الحلول أن تصمم ساحات عامة ذات ميول معينة وأحواضٍ تعمل على تجميع مياه الأمطار، وتسهِّل ترشيحها إلى قاع الأرض.

المدينة الذكية توظِّف أحدث الأنظمة التقنية لمراقبة البنى التحتية، ورصد الطوارئ، وتحديد مواقع الخلل في البنى التحتية.

واليوم (إنترنت الأشياء)  وما يرافقها من أنظمة المعلومات الجغرافية التي تتيح مراقبة أداء الشبكات بل والتحكم بها بسهولة.

إنَّ التصميم المعماري الذكي يُراعي البيئة كذلك، وتكمن المشكلة اليوم في أن ما يقوم به المصممون هو دفع مياه الأمطار باتجاه الطرق أو الجيران، وهذا يزيد المشكلة سوءاً، أمَّا المباني الذكية الصديقة للبيئة تستعمل أسطحاً خضراء، وتعمل على تجميع مياه الأمطار، والاستفادة منها للمستقبل، أو على أقل تقدير إبطاء دفعها باتجاه الشبكة أو الشوارع، مما يُخفف من الأضرار أثناء فترات العواصف المطرية.

 

الإنسانُ قادرٌ على التَّأقلم مع الظروف الطبيعية، وإنشاء بيئةٍ مريحةٍ للعيش بأمانٍ وراحةٍ، كما أنَّ الأمطار الغزيرة يُمكن أن توفر فرصاً للاستفادة من المياه، و لكن لكي يتم تحقيق هذه الاهداف لا بد من رفع مستوى الوعي المجتمعي، وتحقيق احترام البيئة، وتصميم المشاريع بذكاء.