أرشيف الوسم: السكن

ثمن الاختناقات المرورية

مصنف فى :مقالات
  • زيارات : 322 | تعليقات : 0
  • بتاريخ : 10 أكتوبر 2022
الرابط الدائم لـِ ثمن الاختناقات المرورية

مع بداية العام الدراسي عدنا لمواجهة ازدحام الطرقات، وتكررت شكوى سوء الاختناقات المرورية. ويبادر البعض في كل عام إلى طرح الاقتراحات والحلول أو إلقاء اللوم على الجهات المعنية في إنشاء الطرق، ودعوة وزارة التربية إلى مناوبة أوقات بدء ونهاية اليوم الدراسي أو إبداء المرونة في مواعيد العمل الرسمية وغيرها من الحلول الراديكالية التي تدعو إلى وقف إصدار رخص قيادة للوافدين والحد من امتلاكهم السيارات الخاصة. ويتكرر السيناريو في كل عام دون جدوى.

من جهة أخرى، لا يخفى على الجميع الجهود التي تقوم بها وزارة الأشغال العامة وهيئة الطرق ومشاريعهما العملاقة التي غيرت وجه الكويت في السنوات الماضية التي مازال الكثير منها في مراحل التصميم والتنفيذ. ومع ملاحظة بعض التحسن الملموس في فترات الرحلات، إلا أن الأمر لا يعدو أن يعود إلى الحالة السيئة التي كان عليها بعد فترة وجيزة.

لا بد أن نقر بأن الازدحام المروري يعطي مؤشراً إيجابياً على النمو السكّاني والاقتصادي، وبأن البلد حيوي، وأن سكّان البلد يتمتعون بمستوى عالٍ من الرفاهية. وفقاً لتعداد الإدارة المركزية للإحصاء فقد بلغ عدد المركبات في دولة الكويت 2300000 مركبة بنهاية عام 2019م، في حين كان تعداد السكان 4400000 نسمة، أي أن هناك مركبة لكل شخصين في دولة الكويت وهذه نسبة مرتفعة جداً. وبغض النظر عن عدد المركبات، فإن جودة المنطقة الحضرية هي ما يحدد كفاءة النقل.

لقد بات من الواضح بأن الوضع المروري والحضري العام السيء هو نتاج سنوات من الإهمال والتسويف واتخاذ سلسلة من القرارات العشوائية التي أدت إلى الشكل الحالي للبيئة الحضرية. وقد بات من الضروري أن ندرك الآثار السلبية للاختناقات المرورية. فمن جهة، فإن لها كلفة اقتصادية عالية، فكثير من الأنشطة التجارية تخسر الزبائن المحتملين بسبب العزوف وسوء الطرق. كما أن الأوقات المهدورة في الاختناقات المرورية التي يعاني منها معظم العاملين تكلّف الاقتصاد ما يتجاوز الـ 633 مليون دينار كويتي سنوياً.

كما أكدت مجموعة من الدراسات على وجود علاقة مباشرة بين الاختناقات المرورية وتدني الصحة النفسية، وتعرض السائقين لحالات من الضغط النفسي والتوتر والاكتئاب. كما تعد الاختناقات المرورية أحد أهم مسببات التلوث البيئي والضوضاء وانخفاض جودة الهواء، الأمر الذي يؤدي إلى العديد من الآثار الصحية.

كما يجب أن نعي بأنه لا توجد حلول سحرية، كما لن نتمكن من تحسين الوضع بمزيد من الإنفاق على إنشاء الطرق والجسور، ولن نحصل على بيئة عمرانية سليمة دون أن نكون مستعدين لتغير نمط حياتنا وتقديم بعض التضحيات. ولذا فإن أي سياسات تصحيحية في هذا السياق لن تكون شعبية وستواجه رفضاً شديداً. ومع أخذ هذا التنبيه بعين الاعتبار، فإنني أسرد هذه التوصيات العامة، لعلها تكون مفيدة لمتخذي القرار والمخططين والعاملين في مجال تطوير المدن:

  • إعادة النظر في سياسات التخطيط الحضري، ودراسة توزيع استعمالات الأراضي بما يحقق توزيع عادل للأنشطة ومزيد من التنوع في الاستعمالات، الأمر الذي سيقلل من الحاجة للتنقل بالمركبة الخاصة.

 

  • الاستثمار في وسائل النقل العام، والبدء مباشرة بتعزيز شبكة الحافلات العامة على وجه الخصوص بما يجعلها تستقطب شريحة أكبر من الناس، وإعادة إحياء مشروع مترو الكويت رغم عدم جدواه الاقتصادي في الوقت الراهن، وإعادة تقييم وضع سيارات الأجرة وتحسين أدائها من خلال تطوير الأنظمة ونوع المركبات وكفاءة السائقين.

 

  • فرض النقل الجماعي على طلبة المدارس الأمر الذي سيحدث نقلة كبيرة وسيعمل على تغيير ثقافة استخدام وسائل النقل العام. فعلياً، لا يوجد بلد في العالم يذهب كل طالب فيه إلى مدرسته بسيارته الخاصة، ولا توجد جامعة تضاهي جامعات الكويت بنسبة عدد الطلبة المالكين للسيارات الخاصة.

 

  • تزويد الضواحي السكنية بالخدمات اللازمة التي تقلل الحاجة إلى الانتقال خارجها، وتزويدها بمسارات للمشاة وراكبي الدراجات الهوائية، ووضع أدوات تخفيف سرعة للمركبات، ورفع مستوى الأمان لتشجيع السكان على المشي، لا سيما الشباب والأطفال.

 

  • تشجيع العمل من المنزل في القطاعين الحكومي والخاص، واستغلال التقنية الحديثة، وسرعة تفعيل رخص الشركات المتناهية الصغر التي لم تُفعّل بسبب عوائق بيروقراطية وأنظمة لم تدرك أهميتها ولم تعِ روح العصر الذي نعيشه.

هذه بعض الخطوط العريضة لإحداث نقلة نوعية في البيئة الحضرية للكويت وإحداث تحوّل ثقافي، إلا أنها لن تُقر دون وجود فريق مختص وأمين ذو نظرة مستقبلية مستعد لمواجهة التيار السائد اليوم حتى يحقق نفع البلد والأجيال القادمة.

لماذا نكسر الزجاج؟

مصنف فى :مقالات
  • زيارات : 359 | تعليقات : 0
  • بتاريخ : 11 سبتمبر 2022
الرابط الدائم لـِ لماذا نكسر الزجاج؟

تداولت مواقع الأخبار مقاطع لقيام فريق بلدية الكويت بإزالة بعض المنشآت المخالفة، وتعود واحدة منها لعضو مجلس أمة سابق، وقد لاقى هذا الخبر قبولاً لدى العامة وتوافقاً مع الشعور العام بوجود نية خالصة للإصلاح. ولكن السؤال الذي يجب أن يُطرح مع بدء هذه المرحلة الجديدة هو: لماذا يتجرأ البعض على مخالفة الأنظمة ابتداءً؟

في بعض الأحيان تكون المخالفة متعمدة ومدفوعة بشرٍ خالص ورغبة في التعدي غير المشروع. ولكن تبقى هذه حالات نادرة.  ولكن في أحيانٍ أخرى، يكون النظام قاصر، فلا هو يحقق الصالح العام ولا يتماشى مع حاجات الناس الحالية.

كما أن انعدام الثقة في المشرعين يؤدي إلى ضعف القناعة بأن القوانين والأنظمة قد وُضعت لمصلحة الناس، وبالتالي تُشجع على كسرها. إن تعزيز الثقة في المسئولين والمشرعين والحرص على سن قوانين وأنظمة منطقية وذات أهداف واضحة لخدمة الصالح العام ستدفع الناس لمزيد من الالتزام.

كما أن الحرص على العدالة في تطبيق القانون على الجميع وفق مبدأ واضح للصواب والخطأ وممارسة عدم التفرقة بين الناس،  مع تمكين القياديين من سلطات تقديرية تراعي روح القوانين، سيعزز من التزام الغالبية بالقوانين والأنظمة، كما أن تعزيز مفهوم المواطنة سيدفع جميع أعضاء المجتمع للتعاون والتكاتف لتحقيق الصالح العام.

إن ما يدفع الناس للمخالفة هو الشعور بأن المخالفات منتشرة، وأن مؤسسات الدولة الرسمية تتغاضى عنها، وأن الدولة موافقة ضمنياً على وجودها، كما أن أحد دوافع المخالفات هو انتشار القبح في المجال العام، فمع إهمال الأرصفة المكسرة، واللوحات الإعلانية المتهالكة، وحاويات القمامة المهترئة، والزراعات الميتة وغيرها من عناصر البيئة العمرانية يعطي انطباعاً لدى البعض بأن المجال العام سائبٌ وغير مهم.

وهذا ما تؤكده نظرية الزجاج المكسور التي ظهرت في عام 1982م على يد اثنين من علماء الاجتماع وهما: جيمس ويلسون وجورج كيلينغ. وتنص النظرية على أنه لو كسر زجاج نوافذ أحد المباني، ولم يتم إصلاحه بسرعة، فإنه من المتوقع أن يقوم المخربون بكسر المزيد من النوافذ، وربما لاحقاً قد يتجرؤوا على اقتحام المبنى ومن ثم احتلاله والسكن فيه. والأمر ذاته ينطبق على الأرصفة، حيث لو أُلقيت بعض النفايات ولم تُنظف، قريباً سيرمي الناس مزيداً من النفايات، بل سيتجرأ الناس على ترك أكوام القمامة في ذات المكان.

لذلك، إن تعزيز أنظمة المراقبة وسرعة محاسبة المخالفين يساهمان في كبح المتسيبين والمتجرئيين على كسر القوانين. ولكي نرتقي بالبلد ونشجع الجميع على الامتثال للقوانين والأنظمة،  يجب اختيار ذوي الكفاءة والأمانة، كما يجب مراجعة وتحديث الأنظمة والقوانين للتأكد من ملاءمتها للعصر الحالي واحتياجاته، ولعل الأهم من ذلك هو تفعيل أجهزة الرقابة الميدانية وتزويدها بالإمكانات والصلاحيات.  ولكي نرتقي بالمجال العام، علينا أن نصلح الزجاج المكسور يومياً.

التفاؤل العملي في مواجهة البيروقراطية

مصنف فى :مقالات
  • زيارات : 241 | تعليقات : 0
  • بتاريخ : 22 أغسطس 2022
الرابط الدائم لـِ التفاؤل العملي في مواجهة البيروقراطية

تسود حالة من التفاؤل لدى الأوساط الكويتية من النية نحو التغيير والإصلاح، وإن أحد دواعي هذا التفاؤل هو السعي نحو التغيير في مواقع بعض القياديين في القطاع الحكومي الذين لم يتمكنوا من تحقيق إنجازات ملموسة أو ممن تبوؤا تلك المناصب دون وجه حق مع افتقارهم للمؤهلات اللازمة أو الكفاءة. ومن دوافع هذا التفاؤل هو اتخاذ بعض القرارات التي أمرت بالتحقيق في اتهامات فساد أو إخفاقات في تحقيق النتائج المرجوة.

 

ولكن بالنسبة للمواطن العادي أو مؤسسات القطاع الخاص المختلفة، فإن هناك ظاهرة تستدعي الاهتمام، والتي قد تعد أحد أهم مفاتيح الإصلاح، ألا وهي المركزية وبطيء اتخذا القرار. الأمر الذي يهدر الجهود والأوقات ويضيع الفرص والإمكانات.

 

فخلال السنوات الماضية، وسعياً نحو مواجهة الفساد، اعتبر المسؤولون بأن تعقيد الإجراءات وتقليص الصلاحيات سيساهم في تعزيز الشفافية وإحكام الثغرات عن الفاسدين، الأمر الذي خلق لنا نظاماً عسيراً غير مفهوم وبطيء وغير فعال. ومن جراء تراكم القرارات بعضها فوق بعض، ضاع الهدف الأساسي من النظام، حتى لم يعد متخذو القرار يعرفون الهدف مما يقومون به عوضاً عن موظفيهم، وتحول الجميع إلى متاريس في مكينة عتيقة.

 

وانتشرت حالة الوجل من تحمل المسئولية والخوف من المسائلة التي ضاعفت من حالات التهرب وإلقاء المسئوليات لجهات أخرى أو لجان عقيمة، وأصبح من المتعارف عليه أن من يعمل ويخطئ يحاسب، ومن يعطل أو يرفض غالباً ما ينجو من المسائلة.  الأمر الذي فاقم من البطء، وزاد من التكاليف المهدورة على من يمارس العمل في الكويت.

 

وكلما ازدادت حالة التوجس، زادت معها تقليص الصلاحيات والتحجير على التفكير الإبداعي وروح المبادرة وإيجاد الحلول، حتى أصبح المدير مجرد أداة توقيع، وأصبح الموظف جزءاً هامشياً من الماكينة الروتينية. والمسئولون أصبحوا مهووسون بإدارة أدق التفاصيل والحرص على اعتماد أصغر القرارات. والقياديون يتجنبون التفويض ويعززون المركزية إما حرصاً على ممارسة السلطة أو لانعدام ثقتهم بالمرؤوسين.

 

وما زلنا في قطاع البناء والتشييد (كما في كل القطاعات) نعاني من هذه البيروقراطية المقيتة التي تكلف الاقتصاد الكثير، وتقف حجر عثرة أمام التقدم، بل قد تؤدي إلى تعثر الكثير من المشاريع والمؤسسات والأفراد.

 

وإذا أردنا تحقيق إصلاح حقيقي، علينا مواجهة هذه الظاهرة العامة، والعمل على تفكيك المركزية، والسعي الحقيقي نحو تبسيط الإجراءات، وتوضيح آليات اتخاذ القرار. كما أن علينا توضيح المسئوليات والتعامل بشفافية مع القرارات، وإعادة منح الثقة للقيادي والموظف ليقوم بدوره ويتخذ القرار الذي يحقق الصالح العام. والأهم هو إعادة تثقيف القطاع الحكومي من خلال نشر وعي جديد يعطي الأولوية لرضى العملاء (والذين هم المراجعون). فمن خلال تحسين الأنظمة الإدارية يمكننا ان نحافظ على تفاؤل عملي.

 

التعديلات على اشتراطات البناء … هل يجب أن نهتم؟

مصنف فى :مقالات
  • زيارات : 296 | تعليقات : 0
  • بتاريخ : 4 يوليو 2022
الرابط الدائم لـِ التعديلات على اشتراطات البناء … هل يجب أن نهتم؟

نشرت الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي مسودة مشروع القرار الوزاري بشأن تنظيم أعمال البناء الجديد في دولة الكويت. ومن الملحوظ  توجه النظام الجديد نحو زيادة الارتفاعات ومساحات البناء ضمن مباني السكن الخاص. قد يفتح المقترح المنشور، والذي لم يُقر بعد، المجال لإجراء حوارٍ شاملٍ حول إيجابيات وسلبيات النظام المقترح.

إن البيئة العمرانية هي انعكاس لقيم السكّان، وأن ما نراه من الفوضى والعشوائية وانتشار القبح في بيئتنا العامة، ليس إلا انعكاس حقيقي لحالة الفوضى التنظيمية، والانـحدار الأخلاقي، والتردي الخدمي في كافة مناحي الحياة.

ولعل أبرز ما يلفت الانتباه مع نشر مسودة التعديلات المقترحة على اشتراطات البناء هو الإجماع الملحوظ على رفضها من المختصين في مجال التخطيط والعمارة، وإن هذا التناقض، الذي أصبح دارجاً، بين الرأي العلمي والقرار الرسمي يعد أحد مظاهر الفساد والعجز الإداري.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن زيادة الكثافات الإسكانية لها آثار إيجابية: فهي توفر المساكن الميسورة لعدد من كبير من السكان، وتقلل من التمدد العمراني العشوائي الذي يدمر البيئة الطبيعية، ويخفض من استهلاك الطاقة والحاجة من الهدر في البنى التحتية، ويزيد من كفاءة التنقل، ويقلل مسافات الحركة، وقد يزيد من كفاءة أنظمة النقل العام. ولكن، هذه الفوائد لا تعني أن تُتُخذ هذه القرارات دون دراسات وافية.

ولكن، يجب النظر في الآثار بعيدة المدى لإقرار هذه التعديلات. قد يفرح البعض لكون القرار يُمكّن بعض الملاك من التوسع في المسكن وإيواء أبنائهم وأقاربهم في نفس المنزل. ولكن، القانون – بدون أي شك – سيشجع البعض الآخر على استغلال العقار استثمارياً وبالتالي رفع قيمة الأراضي السكنية ورفع الضغط على الخدمات والطرق والمواقف. لذلك، يجب أن ندرك أنه وبناءً على أنظمة البناء في الكويت أنها عامة وستُطبق على المدن والضواحي الجديدة، كما أنها ستُطبق على مشاريع التطوير العقاري المقترحة، الأمر الذي سيخلق لنا واقعاً جديداً قد لا يكون متخيلاً لدى الكثير.

إن واقع البيئة العمرانية والحال الذي وصلت له مناطق “السكن الخاص” دليل على فشل في التخطيط والتنفيذ. وعلى الرغم من فشل بعض الخطط، من الخطأ أن نتصرف وكأن شيئاً لم يحدث، وأن نستمر في ذات التوجهات العشوائية التي للأسف سيكون لها آثار سلبية على الجميع.

إن التعديلات الجديدة ستلغي استعمال “السكن الخاص” تماماً، وتدريجياً وقريباً جداً لن تجد شارعاً في الكويت يُمكنك من امتلاك مسكن خاص لأن كل جيرانك سيكونون من أصحاب المنازل الحاضنة لأسرة واحدة. وهذا بلا شك خطأ وقصور تخطيطي كبير. فالأصل في التخطيط السليم أن يحقق التنوّع وإيجاد بدائل مناسبة تخدم شرائح مختلفة من المجتمع. من الضروري إعادة تعريف السكن الخاص، والنظر في تخصيص مناطق “للسكن الخاص” الحقيقي، وأن توضع له قوانين منظمة كما هو متبع في كافة دول العالم المتحضر وكما هو مطبق لدى جيراننا في دول الخليج. إن هذه التعديلات ليست بسيطة. وستؤثر علينا جميعاً، وجديرٌ بنا أن تهتم.