أرشيف الوسم: السكن

حلحلة “شــــرق”

مصنف فى :مقالات
  • زيارات : 996 | تعليقات : 0
  • بتاريخ : 27 أكتوبر 2018
الرابط الدائم لـِ حلحلة “شــــرق”

مدينة الكويت القديمة مُقسَّمة إلى ثلاثة أحياء رئيسية وهي: شرق، وقبلة، والمرقاب، وفي فترة الستينات وبعد التنظيم العمراني الحديث، احتلت منطقة “قبلة”  مكانة أساسية؛ لأنها كانت منطقة تجارية للمكاتب، ومحلات البيع بالتجزئة في شارع فهد السالم، بينما حافظت منطقة “شرق” على طابعها السكني وكثافتها المنخفضة، فمن الشمال تحدها منطقة الأسواق القديمة ومن الغرب تحدها المنطقة الحرفية الصناعية، وفي الشرق منها منطقة سكنية ذات كثافة منخفضة حيث البيوت العربية التقليدية ذات المساحات التي تتراوح بين الـ ٢٥٠ إلى ٥٠٠ متر مربع تقريباً.

 

في عام ٢٠٠٢م وبعد انتهاء حرب العراق وإسقاط النظام البائد، تفاءل السوق الكويتي وأصبحت الكويت مستعدة لنهضة اقتصادية وعمرانية جديدة، وكالعادة كان قطاع العقار هو أكثر القطاعات نشاطاً، وبدأ المطوِّر الكويتي يبحث عن الفرص، ولكنَّ شُحَّ الأراضي، ومعوقات التنمية، وغلاء أسعار الأراضي، حالت دون إعادة تنمية منطقة “القبلة”، ما أدى إلى توجُّه الأنظار إلى منطقة شرق.

وتجاوب المجلس البلدي بتعديل استعمال بعض العقارات في منطقة شرق (المقوع الشرقي) إلى استعمال تجاري مع المحافظة على نسبة الاستثماري، كما سمح للمطوِّرين العقاريين بشراء نسب بناء إضافية من بلدية الكويت لفترة محدودة، بالإضافة إلى القرارات الحديثة التي سمحت بإطلاق الارتفاعات.

 

وازدهرت “شرق”  وأُقيمت عليها مشاريع نوعية: كبرج الحمراء، وأبراج الراية، والعوضي، و مزايا، وغيرها، وحالياً يُنشأ المقر الرئيسي للبنك الوطني،  ومشروع العاصمة التي تُعد معالماً معمارية أخرى تُجمِّل أفق مدينة الكويت.

 

ولكن ما نراه اليوم بأنَّ “شرق” تُعاني من مشاكل عمرانية مزمنة تؤثر سلباً على جودة مشاريعها، وتَحدُّ من نجاح بيئة الأعمال فيها، وهذا بلا شك يرجع إلى ضعف التخطيط العمراني المسبق، ورضوخ المُخطِّط إلى ضغوط السوق، ومُطالبات المطورين الباحثين عن الربح السريع، وإنَّ هذا التَّحوُّل السريع وغير المدروس أدَّى إلى ظهور مجموعة من المشاكل، منها:

– الاكتظاظ المروري في طرقٍ لم تكن مُصمَّمة لاستيعاب هذه المساحات التجارية الكبيرة.

– نقصٌ شديدٌ في مواقف السيارات أدى إلى فوضى عارمة في وقوف المركبات، وإعاقة الطرق، والأرصفة، وتشويه المنظر الجمالي العام للمدينة.

– ضعفٌ شديدٌ في تحقيق التوازن بين الاستعمالات العمرانية، وأهمها إيجاد مساكن للعاملين في مدينة الكويت.

– عدم وجود شبكة مُشاة متصلة وآمنة؛ حتى تعمل على تشجيع المشي، وحِفْظ سلامة المشاة وكرامتهم.

– غياب الساحات العامة المفتوحة والمصممة بعناية، والتي توفر متنفَّساً لسكان المدينة.

– ضعف التناغم بين الاستعمالات والأحجام مما يشوه المنظر العام والنسيج العمراني.

 

“شرق” جزءٌ حيويٌّ من مدينة الكويت العاصمة، وتضمُّ اليوم معالمَ معماريةٍ رائعةٍ، ومجموعةً كبيرةً من الشركات الرائدة، ومواقعَ مميزةٍ لذوي الأعمال الصغيرة تحديداً، كما أنَّها تضمُّ ثلاثة طرق رئيسية، هي شارع الشهداء، وشارع جابر المبارك، و شارع أحمد الجابر، وهي شوارع حيوية تمتلك عناصر النجاح، ويُمكن أن يكونوا معالم حضارية نابضة بالحياة متى ما أُحْسِن تخطيطهما.

لذا لابد من إعادة حلحلة “شرق” ودراستها بعناية؛ لأنَّها قابلة للتطوير بما يحفظ مشاريعها، وبيئتها، ويحضِّرها للمستقبل، ولكن إذا تُركت للصَّدف فإنَّها ستُقْبل على كارثةٍ عمرانيةٍ، وستكون الحياة بها لا تُطاق.

The Trilogy of Citizen-Built Environment and Regulations

مصنف فى :مقالات
  • زيارات : 629 | تعليقات : 0
  • بتاريخ : 27 سبتمبر 2018
الرابط الدائم لـِ The Trilogy of Citizen-Built Environment and Regulations

This post stresses the interchangeable relationship between citizens and the built environment. A city’s success depends on the acts of its citizens, as their ability to lead a good life depends greatly on the quality of their city, the urban milieu, and implemented governance systems.

Citizen is defined as a “member of a political group that enjoys citizenship rights and carries its duties”. Encyclopedia Britannica defines citizenship as the “relationship between an individual and a state to which the individual owes allegiance, and in turn, is entitled to its protection”. Citizenship implies the status of freedom with accompanying responsibilities. Being a citizen of a specific city entails a wider notion; it is a feeling that a successful city gives and contributes to its development.

Civic spirit is reflective of how citizens view and can act within their city. Cities flourish through their citizens. The success and happiness of citizens depend on the quality of the built environment. The more the relationship between citizens and their city is characterized as positive, the more their feeling of pride increases, and the civic spirit and civic society thrives alongside it.

The active “good” citizen establishes a successful city that facilitates his/her life, protecting him/her from fear, hunger, anxiety, and all forms of discomfort. However, planning is crucial to creating such a city, as successful cities are not built by chance but created by clear visions, good plans, and fierce commitment. Urban Planning and urban design are crucial to creating an urban environment that incubates citizens and provides all of their necessary means. Thus, what are the conditions for such interchangeable relations between citizens and their city?

Law abiding citizen and fair city

A conformist citizen, whether a leader or follower, is a law-abiding, ethical, and honest in all his/her dealings. He/she is a generous citizen that seeks to assist those in need and creates opportunities to facilitate the success of others. Moreover, such citizens need a city that does not tolerate corruption and enforces sound, fair, and smooth procedures.

Active citizen within an open city:

A good city needs active participant citizens — who hold a high sense of individuality and responsibility. Such citizens participate in public debates and express their opinion in a positive manner. Further, they seek to contribute to the enhancement of other lives and the creation of solutions to help all of their city’s members. Similarly, citizens need a city that welcomes all and provides spaces for debate and the exchange of ideas. These cities must also value freedom and protects the right of all.

Creative citizen and an environment that stimulates creativity:

A successful city requires vigilant, aware citizens with clear goals. These citizens must also notice areas of weakness and search for solutions and provide initiates and proposals. At the same time, the city must be open and flexible enough to encourage public gathering and the exchange of ideas — while providing resources for its citizens to accomplish their projects and dreams

ثلاثي المواطن والبيئة الحضرية والأنظمة

مصنف فى :مقالات
  • زيارات : 860 | تعليقات : 0
  • بتاريخ : 22 سبتمبر 2018
الرابط الدائم لـِ ثلاثي المواطن والبيئة الحضرية والأنظمة

إنَّ نجاح المدينة يعتمد على كفاءة العلاقة التبادلية بين: المواطن، والبيئة الحضرية، والنظم، كما أنَّ نجاح المدينة يعتمد على ممارسات المواطنين الفردية، وعلى النظم القانونية التي تنظم حياتهم، ونجاح المواطنين يعتمد على جودة البيئة الحضرية، والنظم، والإجراءات التي تحكم حياتهم.

يُعرَّف المواطن بأنَّه: “عضو في جماعة سياسية يتمتع بحقوق المواطنة ويؤدي واجباتها”، وتُعرِّف دائرة المعارف البريطانية المواطنة بأنَّها: “علاقة بين فرد و دولة كما يحددها قانون تلك الدولة، وبما تتضمنه تلك العلاقة من حقوق، وواجبات في تلك الدولة”.

واليوم المواطنة في المدينة تحمل مفهوماً أوسع من امتلاك جنسية دولة ما، بل هو شعورٌ تمنحه المدينة الناجحة لكل من يعيش عليها، ويشارك في إعمارها بأي وسيلةٍ كانت.

إنَّ نجاح وكفاءة المدينة والعلاقة التبادلية الثلاثية بين المواطن، والبيئة الحضرية، والنظم، يعزز الروح المدنية، فالمدينة تزدهر بسكانها، وكلما كانت العلاقة بين المدينة  وسكانها علاقة  إيجابية، كلما ازداد مقدار الفخر والاعتزاز، ونمت الروح المدنية، وازدهر فيها الفرد والمجتمع المدني، لكنَّ الروح المدنية لا تُعنى بالمجتمع فقط، وإنما بالفرد، فتحميه، وتوفر له فرص النجاح، واشتراطات السعادة.

المواطن الصالح الفاعل ينشئ مدينةً ناجحةً تُساعده، وتُسهِّل حياته، وتحميه من: الخوف، والجوع، والقلق، وكل مصادر الانزعاج، ولكن من الضروري إدراك  أنَّ المدينة الناجحة لا تُنْشِئُها الصُّدف، وإنَّما هي نتاج رؤية والتزام، والتخطيط الحضري والتصميم العمراني ضروري لإنشاء بيئةٍ حضريةٍ تحتضن المواطنين، وتوفر لهم كل وسائل الراحة، فما هي مواصفات العلاقة التبادلية بين المواطن والمدينة؟

 

  • مواطن ملتزم ومدينة نزيهة :

فهو مواطنٌ ملتزمٌ قائداً كان أم تابعاً، ويتمثل هذا الالتزام بالامتثال للقانون والنظم، و الالتزام بالأخلاق والصدق في المعاملات، وهو مواطن كريم يسعى دائماً لمساعدة المحتاج، وخلق الفرص؛ لتسهيل نجاح الآخرين، وتقابله مدينة لا تقبل الفساد بكل صوره، وتكون ذات نظم إجرائية سليمة، وعادلة، وسلسة.

 

  •  مواطن فاعل ومدينة منفتحة :

مواطن فاعل مشارك، غير سلبي، يمتلك روحاً ذاتيةً عاليةً، يشارك في القضايا العامة، ويدلي برأيه بأسلوبٍ إيجابيٍّ، ويسعى للمساهمة بشتى الوسائل في تحسين حياة الآخرين، وصناعة الحلول بأفعالٍ مهما كانت صغيرة، والمدينة بالمقابل منفتحةٌ للجميع، توفر مساحات للنقاش، وتبادل الأفكار، وتعلي من قيمة الحرية، وتحمي حقوق الجميع.

 

  • المواطن المبدع والبيئة التي تحفز الإبداع:

فهو مواطنٌ يقظٌ، ذو رؤيةٍ وهدفٍ، يلحظ مواطن القصور، فيبحث عن الحلول، ويبادر لتقديم المعالجات، والاقتراحات، و البيئة الحضرية مرنةٌ ومنفتحةٌ، تشجع على اللقاءات العامة، و تبادل الأفكار، كما توفر للمواطنين الفراغات اللازمة لتحقيق المشاريع والأحلام.

التَّنميط …. في مدينة البعد الواحد

مصنف فى :مقالات
  • زيارات : 1٬058 | تعليقات : 0
  • بتاريخ : 31 مارس 2018
الرابط الدائم لـِ التَّنميط …. في مدينة البعد الواحد

كما أشرنا في المقال السابق بأنَّ إجراءات الحداثة تقود نحو تحويل مدننا إلى ما يمكن أن نطلق عليه “مدينة البعد الواحد”، وأنَّ أحد مظاهر هذه المدن هو التَّنميط.

وإنَّ من دواعي الاستغراب أنَّ السوق اليوم يوفر خيارات غير محدودة من السلع والمنتجات، بينما المدن والمباني تتجه إلى توفير بديلٍ واحدٍ يُفرَض على الكل.

إنَّ التَّنميط والتَّشابه مذمومٌ، فمن غير المناسب أن تكون كلُّ الضواحي السكنية ذات شكل وتصميم واحدٍ، كما أنَّه من الضَّعف أن يكون المبنى العام الواقع في جنوب البلاد نسخةً مكررةً من ذلك الذي يقع في الشمال.

إنَّ أهمَّ أدوات مقاومة التنميط هو البحث عن روح المدينة والمحافظة عليه، و روح المدينة لا يتمثل فقط بالمحافظة على المباني التاريخية فقط، بل بالمحافظة على الأنشطة الاجتماعية والثقافية التي تتميز بها، وإنَّ روح المدينة متمثلةٌ بأفرادها، ولا يعني ذلك الجمود، بل يعني قدرة الأفراد على الإبداع وإعادة تفسير آخر الصرعات بما يتلاءم مع الحالة المحلية.

إنَّ محدودية الرؤية وضعف التفكير، يجعل الكثير من المدن تسعى للتحوُّل إلى مدنٍ مُعَولمةٍ، تعمل على نسخ تجارب تجارية يُظَن أنَّها ناجحةٌ، وهنا نرى على سبيل المثال تطابقاً أولياً واضحاً بين النماذج التطويرية في كلٍّ من دبي ومدينة الملك عبد الله الاقتصادية، وخطط مدينة الحرير ومدينة نيوم.

إنَّ المدينة إذا وقعت في فخ التنميط فإنَّها تفقد قيمةً تنافسيةً مهمَّةً، وتضعف قدرتها على الجذب والتميُّز.

إنَّ كلمة السر هي “الإصالة”، وكَما أنَّ البشر بدأوا يفقدون الأصالة في حياتهم العامة، فإنَّه من الطبيعي أن تفقدها مُدنهم كذلك، فعندما نفقد اللهجة المحلية وتحلُّ محلها اللهجات المختلطة باللغات الأجنبية، وعندما يختفي اللباس المحلي الأصيل ويحلُّ مكانه أحدث صرعات الموضة، فمن البديهي أن تَتَسلل نماذج تطويرية غريبة إلى مدننا، وتهيمن عليها، ولكنَّ الموضوع يفوق مجرد المظهر، و كما تقول شارون زوكين “a city is authentic if it can create the experience of origins.” فإنَّ المدينة تكون أصيلة إذا استطاعت أن تخلق تجربةً أصيلةً”.

ويمكن للمدينة أن تحقق ذلك من خلال:

1 – المحافظة على المباني التراثية وإعادة إحياء المناطق التاريخية والتي تضم ذاكرةً قويةً ومعانيَ عميقةٍ، وقيمةً رمزيةً.

2 – المحافظة على الأحياء السكنية، وتمييزها عن بعضها البعض، وتأكيد الشخصية الخاصة لكلِّ واحدةٍ منها.

3- دعم الأعمال التجارية المحلية والعلامات التجارية المحلية وحمايتها وإبرازها.

4 -دعم المؤسسات الدينية والثقافية والتطوعية وتمكينها من الظهور في الأماكن العامة وممارسة أنشطتها.

5 -تعزيز الإبداع في الأعمال المعمارية وأعمال التصميم الحضري وتنسيق الحدائق، وتطوير فهمٍ عميقٍ يميِّز بين الشكل الحديث المجرّد من المعنى، والشكل الحديث المبدع الأصيل النابع من فكرٍ متجذرٍ في المكان والثقافة والباحث عن تحقيق الخصوصية.