الرئيسية » مقالات / برج الحمرا … و إشكالية التنمية العمرانية

برج الحمرا … و إشكالية التنمية العمرانية

مصنف فى :مقالات
  • زيارات : 4٬336 | تعليقات : 0
  • بتاريخ : 29 أكتوبر 2010

برج الحمرا … أحد أبرز المشاريع العقارية و أعلى برج تجاري في دولة الكويت … أنشأ هذا البرج الشاهق على موقع أول سينما في الكويت و يبلغ ارتفاعه 412 متر.  كما يعد أحد أطول عشر ناطحات سحاب في العالم. و يتميز بكونه أعلى ناطحة سحاب منحوته و أعلى مبنى يستخدم التكسيات الحجرية.

و قد يختلف الناس عن مدى جمال تصميمه المعماري فبينما يرى البعض أنه مميز و جميل و يمثل إضافه رائعة لمدينة الكويت، يرى آخرون كما ناقشني صديق، أنه يمثل خطأ معماري كبير و يعد أحد الأمثلة الواضحه في مدى فشل التصميم المعماري للتجاوب مع المحيط (Context)  لا سيما من حيث النسب و الأحجام (Scale) .

و لكن بغض النظر عن هذا الجدل المعماري الفني، فإن الجانب العمراني المدني يعد أكثر حساسية و يتطلب دراسة و تقييم. لا شك أن الطفرة الإقتصادية التي قادت إلى إندفاع المستثمرين و متخذي القرار إلى إتخاذ قرارات سمحت بإقامة مشاريع عقارية تجارية و استثمارية ضخمة مع إغفال حجم السوق الكويت الحقيقي و تأثيرها المباشر على مدينة الكويت من حيث زيادة الحركة المرورية و الضغط الغير مدروس على البنية التحتية.

لا سيما توجيه رؤوس المال إلى مشاريع صورية و غير مجدية و بالتالي لا تخدم أهداف التنمية الحقيقية و المستدامة. فلو كان للكويت خطة تنموية حقيقة وفرت فرص أستثمارية ناجحة لمشاريع تقدم قيمة حقيقية للبلد لأتجه إليها التجار و لجنت الكويت منها العديد من الفوائد و لتفادى الجميع آثار الأزمة العقارية المؤلمة. أننا بحاجة إلى تنمية عادلة توزع الأهتمام على مختلف القطاعات العقارية و الصناعية و الخدمية. كما يجب أن تنال كافة شرائح المجتمع فوائد عادلة من أي خطة تنموية … الغني و الفقير، الكويتي و الوافد، التاجر و متوسط الحال. و لكن مارأيناه سابقاً و مازلنا نراه بأن التركيز انصب و مازال ينصب على المشاريع الضخمة التي ليس لها مردود ملموس إلا على طبقة معينة و محدوده.

يشبر العديد من مراقبين إلى أن الأبراج التجارية التي اكتملت أو على وشك الإنتهاء كبرج الحمرا و مدينة الأعمال و برج المتحدة و غيرها ستقدم معروض من مساحات المكاتب يفوق الـ 500 ألف متر مربع !!! بينما سيوفر برج الحمرا وحده 100,000 متر مربع منها !!! في وقت يعاني فيه السوق العالمي و المحلي من الركود. مما سيؤدي إلى وجود شواغر هائلة في هذه المشاريع الكبيرة بينما تتعثر الشركات في تسديد القروض المستحقة عليها.

و في تقرير نشرته جريدة القبس في 7/6/2010م و استطلعت فيه آراء العديد من مدراء الشركات العقارية للتوقف على وضع السوق العقاري الكويت في 2010/2011، أتفق الجميع على خطورة الوضع و تشوش القطاع و ضعف التفاؤل لدى مجمل المراقبين و المتابعين. و مما لفت إنتباهي أن خلاصة التقرير سردت مجموعة من دعوات مدراء الشركات و أخترت منها التالي:

“1. طرح الدولة لمشاريع البنية التحتية المليارية في خطة التنمية وجذبها للشركات والمستثمرين الأجانب.
2. تقنين انشاء البنايات الاستثمارية والأبراج الادارية وتحويل استعمالات بعض الأراضي الى استخدامات أخرى ترفيهية أو خدمية.
3. استئجار الدولة بعض المعروض في الأبراج التجارية في ظل تهالك الكثير من المباني الحكومية

4. تسوية مشكلة البنايات المخالفة وتغريم المخالفين لدعم قطاع «الاستثماري».”

و من الملاحظ هنا أن المستثمرين يلجئون الآن إلى الدعم الحكومي، بينما كانوا في الثمان سنوات الماضية ينادون بحرية السوق و قدرة القطاع الخاص على تحمل مسئولياته. كما أنهم ينادون الآن إلى تقنين الاستعمال التجاري، بينا كانوا و لا يزالون يستعملون كافة الوسائل المشروعة والغير مشروعة للتأثير على متخذي القرار لتحويل الاستعمالات الترفيهية و الخدمية و الاستثمارية و السكنية إلى تجارية !!!. كما أنهم يطالبون الآن بتغريم المخالفين و الصرامة في تطبيق القانون، بنما هم من كسر القانون و أذهب هيبته.

إن الخلل التذي وقعنا به كبير و إن آثاره ستمتد لسنوات طويلة و إن الواقع العمراني في مدينة الكويت ستدفع ثمنه الأجيال و سيكون من الصعب تصويبه. إن ما جرى و يجري حالياً يتطلب قراءة متأنية للوقوف على أسباب هذه الأخطاء السياسية و الإستثمارية… فبينما لا نتمكن في الكويت عادة من محاسبة المخطئين فإن علينا أن نستفيد من الأخطاء و أن نضمن على أن لا نقع بها في المستقبل.

+ وسوم الموضوع :

إكتب تعليقك