الحلقة المفرغة للتنمية الغير مستدامة
مصنف فى :مقالاتيشهد العالم أزمة وعلينا ألا نتجاهل ما يحدث حولنا. البيئة الطبيعية في تردٍ مستمر، ونحن لا نقوم بما يكفي لمواجهة التغير المناخي. ويتفق العلماء حول العالم بأن البشر والتنمية الحضرية يأخذان اتجاهاً خاطئاً. ونحن في الكويت ودول الخليج نواجه تحديان أساسيان، هما: ارتفاع درجات الحرارة، والاعتماد على المركبات الخاصة في تنقلاتنا، وقد فشلنا في مواجهة كلا التحديين.
إن الثراء المفاجئ الذي طرأ علينا وقاد لهذا النمو الحضري الكبير والسريع، لكي يلبي احتياجات السكان من المساكن الكبيرة وخدماتها، له آثار بيئية سلبية؛ فكلما نمت المنطقة الحضرية وجذبت المزيد من السكان، تتوسع المنطقة الحضرية للخارج، ويستدعي تمددها إنشاء المزيد من شبكات الطرق مما يشجع السكان على الاعتماد على المركبات الخاصة، ولا سِيّما مع عدم وجود بدائل للنقل والمواصلات العامة. وبذلك دخلنا في حلقة مفرغة تنقلنا من المركبات الخاصة إلى المزيد من الطرق والمزيد من التمدد الحضري.
إن ثراء الدولة وسكّانها قادا إلى الاعتماد على التقنيات التقليدية عند إنشاء المباني لمواجهة حرارة الجو وقسوته، إلا أن هذه التقنيات التقليدية مُكَلِّفة مادياً وبيئياً. نحن نهدر الكثير من الأموال والموارد لجعل المباني قابلة للسكن، ولا يمكننا أن نسكن بها حتى لساعات قليلة بدون أنظمة التكييف والكهرباء.
نحن في الكويت ودول الخليج مررنا بظروف استثنائية جعلتنا نشعر بأن الطاقة رخيصة بينما نستمتع بدعم حكومي للكهرباء والوقود. إن هذا الدعم الحكومي أدى إلى تكوين صورة خاطئة لدى المستثمرين وعامة الناس، وأثّر ذلك تدريجياً على أسلوب حياتنا وممارساتنا التجارية. وخلال الخمسون سنة الماضية وأثناء التمدد العمراني السريع، شهدنا إقامة مجموعة من المباني التي تتجاهل البيئة المحلية واستهلاك الطاقة. إن العديد من المباني لا تنتمي للمكان ويمكنها أن تنشأ في أي بقعة حول العالم. إن المباني مسؤولة عن استهلاك 72% من مجموع استهلاكنا للطاقة. والانبعاثات الحرارية الملوثة تنتج عن استخدام المركبات الخاصة واستهلاك المباني من الطاقة.
إن دورنا كمعمارين ومخططي مدن أن نرفع من الوعي بشأن أهمية القضايا البيئية. وعلينا أن نشجع أساليب التنمية المستدامة بهدف خفض الانبعاثات الحرارية. ويجب أن نثبت أن توفير الطاقة أقل تكلفة من شرائها، وعلينا أن نوظف أساليب التصميم السلبي، وأغلفة عالية الجودة، وعوازل مناسبة، وتقنيات حديثة ذكية. ويجب أن تعمل بيئتنا على تشكيل مبانينا ومدننا.
وعلى الحكومات أن تجد طرقاً للحد من التمدد الحضري، وأن تجعل الناس تدرك التكلفة الحقيقية لاستهلاك الطاقة والبيئة، وإلا سنبقى أسرى للحلقة المفرغة، وسنواجه كوارث حقيقية.