حزمة الحـــل الحضــري وتوفير السكن الميسور
مصنف فى :مقالاتيعتبر الإسكان من أهم أولويات الأسرة الكويتية. ونظراً لطبيعة النظام القانوني، وسعي الدولة لتحمل على عاتقها توفير المساكن للمواطنين، أصبحت كل أسرة كويتية تسعى لتملك سكن، واعتبر امتلاك السكن حق لكافة المواطنين. وفي النتيجة، أدى هذا المنظور اليوم إلى بلوغ عدد طلبات الإسكان لدى المؤسسة العامة للرعاية السكنية حوالي 90,000 طلب. ويتضاعف هذا العدد سنوياً على المسكن أو الأرض السكنية بين 7000 و 8000 طلب جديد.
وعلى الرغم من تخصيص مساحات كبيرة للأراضي السكنية، إلا أن تطوير هذه الأراضي وتزويدها بالخدمات والبنى التحتية يتطلب جهداً وفترات زمنية طويلة، مما يؤدي إلى إطالة أمد انتظار المسكن الحكومي.
بالإضافة إلى ذلك، تقدم الحكومة للمواطنين المنتظرين للمسكن الحكومي دعماً على هيئة (بدل إيجار)، وقد بلغت كلفة ما تقدمه الحكومة ما يقارب 180 مليون دينار سنوياً. وهذا رقم ضخم، و يعتبر أحد نواحي الهدر المالي.
لا شك أن مشكلة الإسكان مشكلة معقدة، و بالتالي تتطلب حلولاً مركبة لكي نواجهها. كذلك، فالحل لا يمكن أن يكونَ مغلقاً، ولا مستقيماً بل يجب أن يظل مرناً ومفتوحاً وقابلاً للإضافة والتطوير. فإلقاء اللوم لن يجدي نفعاً، واستمرارنا على نفس النهج لن يؤدي إلى النتيجة المرجوة.
يتمثل الحل بالقيام بإجراءات متوازية تقدم حلولاً متنوعة تساهم في الحل، وتثري البيئة الحضرية والاجتماعية والاقتصادية للدولة. ونحن أطلقنا على نموذج الحل “حزمة الحل الحضري” والذي يتكون من التالي:
– تخصيص مزيد من الأراضي سعياً لرفع المعروض وبالتالي مواجهة الطلب المتزايد.
– العمل على تفكيك المركزية الحكومية، فقد آن الأوان أن تُنشئ الحكومة أكثر من مؤسسة أو هيئة تعمل على تقديم حلول إسكانية. فمن المعلوم بأن اللامركزية تساهم في الإسراع في إنجاز المشاريع، وتقديم حلول متنوعة وبديلة.
– علاوة على ذلك، لابد أن تتخذ الدولة خطوات جادة لإشراك القطاع الخاص في تطوير المشاريع الإسكانية وتنفيذها. الكويت تمتلك قطاعاً خاصاً حيوياً، وخلاّقاً، قادراً على إيجاد حلول إبداعية متى ما هُيئت البيئة التشريعية والتنظيمية اللازمة.
– ولكي نواجه هذا التحدي الإسكاني، لا بد من إشراك البنوك المحلية بشكل فعّال في تمويل المشاريع الإسكانية – سواءً للأفراد أو الشركات العقارية أو المقاولين. مازال دور البنوك الكويتية متواضعاً، ولا يرقى للدور الاقتصادي المنشود. لذلك، لابد من توفير الأطر التشريعية اللازمة لدفع البنوك للقيام بالمزيد.
– ومن الناحية التخطيطية والمعمارية، لا بد أن نطور أنظمة البناء بحيث تشجع على توفير أنماط مختلفة من الوحدات السكنية. فالمجتمع يتغير، وحجم الأسر يتفاوت، وتكاليف المعيشة في غلاء مستمر. لذلك، لا بد من توفير بدائل مختلفة من الوحدات السكنية تختلف عن المنزل الـ 400 متر مربع والشقق السكنية القائمة حالياً في مناطق السكن الاستثماري لكي تخدم شرائح وتطلّعات مختلفة.
– بالإضافة إلى ذلك، لابد من زيادة وعي الأفراد، وتغيير النمط الاستهلاكي للأسرة الكويتية. ولابد أن يعي المواطن أن الاقتصاد العالمي يتغير، وأن سياسات الرفاهية التي اعتدنا عليها منذ الاستقلال لا يمكنها أن تستمر بنفس الوتيرة. لذلك، يجب علينا أن نسعى لتصغير حجم المنازل، ومراعاة تكلفة التمدد الحضري، وتكلفة المواصلات البعيدة، وتكاليف استهلاك الطاقة، والمياه، والإنشاءات، وغيرها.
– ومن المهم أن تتجه الدولة لتفكيك المشاريع الإسكانية العملاقة إلى حزم صغيرة، وطرحها على مجموعات من المقاولين، بحيث يتم تقليل المخاطر، والإسراع من وتيرة الإنجاز. حتى إذا ما تعثر مقاول، لا يتوقف المشروع كله، وحتى يتم تحفيز روح المنافسة بين المقاولين المنفذين.
إن “حزمة الحــل الحضري” هذه مجرد اقتراح للتفاعل مع اهتمامات المجتمع الكويتي، ولكن الحل يبقى مفتوحاً للإضافة وقابل للتطوير. ويجب أن ينبع الحل من فهمنا لطبيعة العصر المتغير والديناميكي، وإدراكنا للتحديات الاقتصادية، والاجتماعية، والبيئية المقبلة.