الرئيسية » مقالات / عمارة منازلنا بعد جائحة الكورونا

عمارة منازلنا بعد جائحة الكورونا

مصنف فى :مقالات
  • زيارات : 1٬087 | تعليقات : 1
  • بتاريخ : 29 أبريل 2020

إن الأزمة التي نعيشها اليوم استثنائية، وعالمية، وذات آثار كبيرة، حيث أثرت على كافة القطاعات، وسيكون لها نتائج كبيرة على مستقبلنا. لذلك، من الحكمة أن لا يمر هذا الحدث دون أن نستفيد منه، فعلينا أن نقيّم أسلوب حياتنا، وأن نخطط لإجراء تغييرات جذرية في جوانب عديدة اعتدنا عليها سواءً كنا أفراداً أم حكومات.

ولعل أحد أهم هذه النواحي هو إعادة النظر في نماذجنا العمرانية وأسلوب التمدد الحضري الذي اعتدنا عليه خلال الخمسين سنة الماضية. وكأفراد، ربما علينا إعادة النظر في عاداتنا الاستهلاكية بشكل عام، ومراجعة شكل المسكن الذي دأبنا نحلم به.

وفيما يلي نسرد بعض الجوانب التي يجب علينا أن نغيرها في منازلنا بعد جائحة الكورونا:

 

  • البساطة:

تعلمنا الأزمة الاقتصاد والتوفير. لذلك، علينا أن نسعى إلى تحقيق التصاميم البسيطة التي تقلل ولا تزيد، وتخفض ولا ترفع، وتلغي ولا تضيف، وأن نقتنع فعلاً بأن الجمال في البساطة، والأقل هو الأكثر.

 

  • حجم المنازل:  

علينا أن نعيد النظر في أحجام منازلنا، وأن نكتفي بحاجتنا الحقيقة، وأن نبني ما يلبي أسلوب حياتنا اليومي فقط. ويجب أن ننظر إلى المنزل كوسيلة راحة لنا وليس كمنتج استهلاكي للتفاخر الاجتماعي، وأن ندرك أن المنزل الصغير أضحى ضرورة لتوفير الموارد، واستهلاك الطاقة والماء.

 

  • الخصوصية:  

كنا نردد دوماً أن الخصوصية هي جوهر العمارة الإسلامية والعربية. ولكن في الواقع، وتدريجياً، خسرت منازلنا الكثير من خصائصها. ومع ساعات الحظر الطويلة، بدأنا ندرك أهمية هذا التوجه الفريد في التصميم، وحاجة الأفراد بمختلف أعمارهم وفئاتهم للخصوصية لما لها من دور أساسي في رفع مستوى الراحة.

 

  • البيئة الخارجية:  

أظهرت أيام الحظر وفتراته الطويلة لنا مدى حاجة الإنسان للاستمتاع بالبيئة الخارجية، وكنا نظن أن منازلنا وما تحويه من وسائل راحة حديثة تغنينا عن الحاجة عن الفراغ الخارجي. بالإضافة إلى ذلك، كان المُلاك يعتقدون أن أي فناء أو ارتداد أو شرفة ما هو إلا إهدار للمساحة وهدر في كفاءة التصميم، إلا أن ظروف الحظر ستدفعنا للاهتمام أكثر بتوفير فناء خارجي، وحديقة، وإضافة الشرفات، واستغلال الأسطح بشكل أفضل.

 

  • المواد الصحية:

نبهتنا جائحة كورونا لجوانب صحية كثيرة كنا نغفلها ولا نوليها أي اهتمام. واليوم أدركنا أهمية اختيار مواد البناء والتشطيب. إن الاختيار المناسب للمواد يجعل مساكننا أكثر أمناً. ولقد أدركنا أهمية استخدام أسطح قابلة للتنظيف ومقاومة للجراثيم، وأن نختار مواد الأرضيات، والجدران، والأثاث بعناية.

 

  • البرنامج المساحي:

نبهنا الحظر والأيام التي نقضيها في المنزل لإعادة النظر في توزيع مساحات مساكننا. ولعلنا أدركنا الآن أن هناك مساحات لم تكن ضرورية، في حين برزت مساحات أخرى أكثر أهمية. ربما نكون بالغنا في مساحة غرف الاستقبال والضيافة، ولمسنا الحاجة لفراغات أكثر أهمية كالمخازن، وغرف التمارين الرياضية، والمكتب، والمكتبة، وغيرها. ويجب أن ننتبه أيضاً إلى تصميم مداخل المنزل، والحرص على إنشائها بحيث تخلق فراغاً يفصل الخارج عن الداخل، ويحول دون دخول الجراثيم.

 

  • توفير الطاقة:

منذ فترة من الزمن، دعا الكثير من المعماريين إلى ضرورة الاهتمام بالمباني الخضراء والتصاميم التي تراعي البيئة المحلية، إلا أنها لم تلق قبول العامة، لاسيما في ظل الأسعار المتدنية لاستهلاك الكهرباء والماء في دول الخليج العربي. ولكن، بعد ظهور الوباء، وبروز أخطار مرتبطة باحتمالات تأثر محطات توليد الطاقة، والزيادة المرتقبة على الاستهلاك في موسم الصيف، خاصة مع توقف حركة النقل والسياحة، وعدم سفر المقيمين بشكل موسمي، الأمر الذي سيضعنا أمام اختبار غير مألوف.

اليوم أصبح لزاماً علينا أن نعيد النظر في تصميم منازلنا، وأن نتبع معايير التصميم السلبي (Passive)، وأن نهتم أكثر بالعزل الحراري، ونقلل من استخدام الواجهات الزجاجية، وأن نوظف وسائل التقنية الحديثة لكي نوفر الطاقة. وربما نستخدم أجهزة الطاقة البديلة ووسائل إعادة تدوير المياه ما أمكن ذلك.

 

  • الأمن:

إن هذه الأزمة تمر في مراحل، وأحياناً تبرز معها تحديات متعلقة بالأمن والسلامة، وهذا يجب أن يدفعنا إلى مراعاة الجوانب الأمنية عند تصميم وبناء منازلنا، مثل: الحرص على تصميم الأبواب، والنوافذ، والأسوار، وتزويد منازلنا بوسائل التقنية، مثل: أجهزة المراقبة، والإنذار، والاتصال، وغيرها.

 

وختاماً، هذه أفكار مازالت تحت الإعداد والتطوير، ولعل الأيام القادمة – في ظل الجائحة – تكشف لنا مزيداً من الإلهام. وسنتجاوز الأزمة قريباً بإذن الله، لكن الأهم أن نكون قد استفدنا من هذه الأزمة الدروس والعبر، وأن نخرج منها أكثر وعياً بذواتنا، ومحيطنا، وبيئتنا.

 

+ وسوم الموضوع :

تعليق واحد لـ “ عمارة منازلنا بعد جائحة الكورونا ”

  1. يقول Salman:

    لفتة جميلة و نقاط لا بد الاخذ بها من شخص متخصص . ونتمنى أن يكون هناك الكثير من النصائح من أصحاب الاختصاص ، كل في تخصصه في شتى العلوم للوقوف على ما استفاده الافراد في المجتمع تجاه فايرس كورونا .

إكتب تعليقك