حان الوقت لإنشاء بلدية مدينة الكويت
مصنف فى :مقالاتنشرت الصحف خبر مقترح أعضاء المجلس البلدي لإنشاء بلدية مستقلة لمدينة الكويت. وقدم الأعضاء د. شريفة الشلفان و م. فرح الرومي، و م. عبداللطيف الدعي، اقتراحاً لإنشاء بلدية مستقلة لمدينة الكويت. لها ميزانية مستقلة، وهيكل تنظيمي خاص تتبع لوائح البلدية، وتهدف الى رفع مستوى الخدمات. وهو اقتراح ممتاز سيساهم في تفكيك المركزية الحكومية، وقد يكون خطوة أولى في إنشاء مزيد من البلديات المستقلة في كافة المحافظات؛ وربما المدن الجديدة كذلك كالمطلاع، وسعد العبد الله، وصباح الأحمد وغيرها.
فعادة ما تهتم الشعوب بالعناية بمدنها؛ انطلاقاً من الارتباط الروحي الذي يربطهم بالمدينة التاريخية. ويعرف هذا الحنين بأنه التوق لصورة إيجابية وردية من الماضي المتخيل. ويتبادل بعض كبار السن أو المخصصين الحديث عن صورة جميلة لماضي مدينة الكويت، وسورها، وبيوتها، وفرجانها وأسواقها، والشاطئ، والبحر، وغيرها من ملامح الحياة الاجتماعية لفترة ما قبل النفط. ويعمل المختصون لمحاولة الاستفادة من هذه الملامح في صياغة تصورات لمدينة الكويت الحديثة والمستقبلية، والمحافظة على ما تبقى فيها من معالم تاريخية.
إلا أن أهم العوائق التي تواجه هذا الاتجاه، أنه لا يوجد رغبة لدى الغالبية من المواطنين للعودة لهذه الصورة المتخلية من المدينة. فالكثير ممن عاشوا فترة ما قبل النفط يستمتعون بما جلبته الحداثة من وسائل راحة ودعة، مثلًا: كالمركبة الخاصة، والمنزل الحديث، والضاحية السكنية ومرافقها. أما الجيل الجديد فلا يعرف عن الماضي إلا القليل من الصور السطحية عن طبيعة الحياة قبل النفط، والتي تنقلها بعض وسائل الإعلام أو المناهج التعليمية. والجميع يتأثر بالصور النمطية التي تنقلها وسائل الإعلام عن المدن الإقليمية الجارة، وما تضمه من أبراج شاهقة، وطرق سريعة، ومعالم معمارية مختلفة.
علاوة على ذلك، فإن التدمير الممنهج الذي حصل لمدينة الكويت التاريخية، لا يمكن إصلاحه. لا سيما، وأن المدينة قد تم افراغها من السكّان، ومسح نسيجها العمراني الأصلي، وهدم الغالبية العظمى من مبانيها القديمة، واستبدالها بمرافق ومبانٍ ومنشآت حديثة. وأخيراً، المشروع الدائري الأول، والذي عند اكتماله فصل المدينة إلى شطرين، وساهم في تفكيك نسيجها المفكك أصلاً.
إن مدينة الكويت العاصمة، تبقى ذات أهمية بالغة، فهي نواة الدولة، ومركز الحكم، ومحور الأنشطة التجارية. وحتى نتمكن من إنقاذ ما تبقى، ونصحح مسار التنمية العمرانية في المدينة، فلا بد من القيام بالتالي:
- تعزيز فكرة الاهتمام بالمدينة كموقع تاريخي له أهمية روحية بالرغم أن ما تبقى من الأثر الفيزيائي قليل.
- إجراء تدخلات صغيرة نسبياً، والقيام بتجارب عمرانية تحسن من البيئة العمرانية في المدينة؛ لتكون نماذج اختبارية يمكن محاكاتها.
- البدء في إعادة إحياء المدينة من خلال تشجيع السكن داخل حدود المدينة لمختلف الشرائح، حيث لا يوجد مدينة ناجحة دون سكّان، فوجود السكّان سيعزز الاهتمام بالمكان، وسيخلق بيئة حيّة طوال الأربعة والعشرين ساعة.
- ولا شك بأن إنشاء بلدية مدينة الكويت، سيساهم بتطوير مدينة الكويت، من خلال تركيز الجهود، وتحديد المسئوليات، وتقليص البيروقراطية المعقدة. لذلك، نقول شكرًا لأعضاء المجلس البلدي على هذا الاقتراح الثمين.