للبلديات في العالم أدوار رئيسية، وأهم أدوارها التخطيط العمراني الحديث الذي يجب أن يتكيف مع متطلبات العصر، وأن يبنى على المرونة والتجاوب السريع لتلك المتطلبات. والبلدية مؤسسة مهمة تعمل في معظم دول العالم، ويقال بأن أول بلدية تأسست كانت في مدينة سيينا الإيطالية عام 1239م. ويضم مجلسها تسعة أفراد لتولي إدارة شئون المدينة. وقد أقيم مبنى لقاعة المدينة يطل على الساحة الرئيسية لترمز بذلك إلى الدور المحوري للحكم الرشيد.
أما في الكويت، فقد تأسست بلدية الكويت في 13 أبريل 1930م، مبادرة من الشيخ يوسف بن عيسى الذي قدمها لحاكم الكويت الشيخ أحمد الجابر الصباح، والذي وافق وأيد الفكرة. استمر عمل البلدية حتى عام 1954م، عندما صدر قانون جديد أكد على استقلال ودور البلدية المحوري القائم حتى هذا اليوم.
وتعمل البلديات بشكل عام على تحقيق التالي:
- اتخاذ القرارات التي تخص البيئة العامة للمدن بالنيابة عن المجتمع.
- تقدم بعض الخدمات العامة كالنظافة والتنظيم وإدارة المرافق العامة.
- التخطيط العمراني.
- وفي الكثير من الأحيان، الإشراف على خدمات الطرق والمرافق العامة وخدمات مكافحة الحريق.
في مدن دول الخليج، يجب أن تولى البلديات أدوار مهمة. حيث تشهد المدن نمواً غير اعتيادي وتواجه تغييرات سريعة في المجتمعات. ويشكل القطاع العقاري نسب مهمة من الناتج القومي يتراوح بين 7% إلى 10%، وغالبًا ما يعتبر الرافد الاقتصادي الثاني من بعد النفط.
إلا أنه في الكويت، وبعد أن كانت بلدية الكويت مؤسسة محورية وقد ارتبطت بشكل مباشر بمؤسسة الحكم ووضعت الأسس الأولية لإقامة الدولة الحديثة. ووضعت أول مخطط هيكلي في الشرق الأوسط، إلا أن دورها تراجع تدريجياً وتخلت عبر السنوات عن مجموعة أساسية من صلاحياتها. ومع توسع البلد أصبحت غير قادرة على أداء المهام الموكلة لها على الوجه الأمثل. وتحولت اليوم إلى مؤسسة بيروقراطية بحته، وأداة تنفيذية آلية قد تكون عائقًا في كثير من الأحيان، بدلاً من أن تكون أداة دفع وتحفيز.
لذا فنحن بحاجة إلى إعادة تعريف وتوصيف البلدية، وربما تفكيكها وإعادة رسم حدود صلاحياتها القانونية والتنظيمية والجغرافية. يجب أن نعيد إحياء دور التخطيط العمراني ليصبح رأس البلدية ومحركها الأساسي، وكما يقال نحتاج إلى وضع الحصان أمام العربة. حيث أصبح اليوم قسمًا هامشيًا لا يرتبط بواقع التنفيذ بشكلٍ كافٍ.
لا يمكن تحقيق التنمية المنشودة دون أن تأخذ في الاعتبار البلدية الحديثة، الطبيعة المتغيرة للمدن المعاصرة، وما تتطلبها من تفاعل سريع مع متطلبات الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية. ولا يمكن أن تنجح البلدية المعاصرة دون أن نبنيها على مفاهيم التكيّف والمرونة والتجاوب السريع.