“إن ما يحدد شخصية المدينة، هي أماكنها العامة، وليس أماكنها الخاصة”
د. جون كلوس – المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية
إنه من المؤسف أن نلحظ تدني مستوى النطاق العام في دولة الكويت، كما أنه من المحزن أن نلاحظ اتساع الفجوة بين مستوى العناية بالأماكن الخاصة والأماكن العامة.
الدولة غنية بالموارد، وتقوم بالإنفاق السخي على المباني العامة والبنى التحتية، وعموماً يمكن القول بأن السكان بشكل عام يتمتعون بمستوى ثقافيٍّ عالٍ، ويقومون بالاهتمام الجيد بمساكنهم وأملاكهم العامة، كما أنهم يتمتعون بذوقٍ رفيع ومميز، فهم مطلعون ويفرقون بين الجميل والقبيح، ويولون اهتماماً خاصاً بهيئتهم ومظهرهم الخاص.
ولكن في الجهة الأخرى، هناك إهمال كبير لكل ما يقع خارج حدود ملكيتهم الخاصة، وعدم المبالاة له، بل أحياناً تعمد تخريبه والاعتداء عليه، وهذا شيء مثير للاهتمام، ويستدعي البحث والتحليل.
الأماكن العامة هي الفراغات المفتوحة لعامة الناس في المدينة وتشمل الطرق والأرصفة والساحات والفراغات والشواطئ غيرها.
وللأماكن العامة أهمية كبيرة، فلها دور في رفع قيمة العقارات المحيطة بها؛ لما توفره من إطلالات وفرص للعرض لعدد أكبر من الزبائن، كما أنها تلعب دوراً اجتماعياّ من خلال توفير أماكن للتلاقي والتجمع والترفيه، ولها دور صحي وبيئي؛ لما توفره من فرص لممارسة الرياضة والحركة ما تتضمنه من عناصر تشجير تعمل على تجميل المدينة وخفض درجات الحرارة وتحسين جودة الهواء.
السؤال الذي يتبادر للذهن، كيف يمكننا أن نرفع من مستوى الاهتمام بالأماكن العامة لدى العامة:
الوعي بمفهوم الملكية العامة:
إن وعي السكان بأنهم يملكون، وشعورهم بأنها أنشأت من الأموال العامة، يؤثر على تعاملهم معها، كما أن قناعة السكان بحسن إدارة البلد بشكل عام و نزاهة الممارسات الحكومية يعزز من الوعي بالمليكة العامة.
الأنظمة والقوانين:
مازالت القوانين والأنظمة التي تُعنى بالأماكن العامة غير كافية لتعزيز العناية بها، كما أنها ما زالت على ما يبدو غير كافية لحث الجهات الحكومية لمواصلة العناية والصيانة والاهتمام بالأماكن العامة، وثبت أنها غير فعالة لردع مخربي وملوثي الأماكن العامة.
الروية الواضحة والمعايير العالية:
ما زالت الأماكن العامة مهملة في الكويت، وتفتقر الحكومة لرؤية واضحة تؤكد اهتمام الدولة بالنطاق العام، كما لا زلنا نفتقر للمعايير الواضحة لتصميم الأماكن العامة وتنفيذها و صيانتها، الأمر الذي يؤثر سلباً على جودة البيئة الحضرية بشكل عام.
إشراك القطاع الخاص والأهالي:
إن إشراك القطاع الخاص والعام في تصميم الأماكن العامة وتنفيذها و إدارتها له دور مباشر في رفع مستواها، متى اشركنا الناس في اتخاذ القرار سننمي لديهم الإحساس بالملكية وسيشعر كل مواطن وكل مؤسسة أنهم شركاء في ملكيتها و بالتالي يعتنون بها.
الرقابة والتفاعل:
كثيراً ما تصمم مشاريع وتنفذ بشكل ممتاز، ولكن سريعاً ما تُهمل وتترك رهينة لعوامل الوقت والمخربين؛ لذا إن تفعيل الأدوات الرقابية ومواصلة التفاعل والتغطية الإعلامية لمشاريع الأماكن العامة سيكون له أثر كبير في المحافظة على البيئة الحضرية ورفع مستواها.
و حيث إننا في هذه الأيام وبينما نحتفل بالأعياد الوطنية يجب أن نعزز من مشاعر الحرص على الملكيات العامة، وأن نحرص على ما يرقى بمستوى مدينتنا وضواحيها، وأن نسد الفجوة بين مستوى اهتمامنا بملكياتنا الخاصة والملكية العامة.