الرئيسية » مقالات / قانون إنشاء المدن …. الفرصة والطموح

قانون إنشاء المدن …. الفرصة والطموح

مصنف فى :مقالات
  • زيارات : 574 | تعليقات : 0
  • بتاريخ : 25 يوليو 2023

في الأسبوع الماضي، أقر مجلس الأمة الكويتي قانون إنشاء المدن الإسكانية، والذي لاقى قبولاً واسعاً وحماساً كبيراً لدى شريحة كبيرة من المواطنين والمهتمين، وأعتبره العديد من السياسيين إنجازاً قيّماً ودليلاً على الوفاء ببعض الوعود الانتخابية.

بلا شك، القانون خطوة في الاتجاه الصحيح، وفرصة ثمينة للحكومة والقطاع الخاص للخروج من حالة الجمود والرتابة، ومحاولة لتدشين تعاون بنّاء بين القطاعين يعود بالنفع على المواطنين. مع التأكيد، على أنه لم يدّعِ أحد أن القانون يقدم حلاً شاملاً للمشكلة الإسكانية، ولا تغلباً سحرياً لظاهرة الارتفاع المحموم لأسعار العقارات السكنية في دولة الكويت.

والقارئ لردود الأفعال، يرى بأن القانون لم يرقى لطموح القطاع الخاص، وبشكله الحالي، لا يفسح المجال للسوق الحر بالمساهمة المباشرة في توفير المنتجات السكنية وفق آليات العرض والطلب، مع التأكيد على أن التجارب العالمية أثبتت أن آليات السوق الحر (المنظّم) تؤدي لنمو اقتصادي أكبر وتوفر بدائل أوسع للمستهلكين وبأسعار تنافسية، لكافة أنواع السلع بما فيها السلع الإسكانية.

ولكن وبعد عقود من التجاذبات السياسية، حرص المشرّع الكويتي على مراعاة طبيعة النظام السياسي المحلي، وأخذ بالاعتبار ريبة المواطن من ممارسات قوى المال والأعمال، وعليه عمل القانون على فتح المجال للشركات العالمية لمزاحمة الشركات المحلية، وذلك لتعزيز المنافسة والاستفادة من التجارب الدولية. كما اقتصر القانون المشاركين على شركات مساهمة عامة، وأن يكون الاكتتاب فيها عاماً ولا تزيد نسبة المستثمر فيها عن 49%، وهذه الشروط تهدف لطمأنة المواطنين بضمان وضع قيود صارمة على ممارسات القطاع الخاص.

ورغم محدودية القانون والقيود الإضافية التي قد تضعها اللائحة التنفيذية للقانون، يبقى التحدي الحقيقي هو أن يبادر القطاع الخاص باستثمار هذه الفرصة، وأن يقدم حلولاً إبداعية تساهم ولو بشكل بسيط بحل جوانب من عوائق تنفيذ المدن والضواحي السكنية، فلا يملك القطاع الخاص سوى إثبات جديته وكفاءته من خلال نجاح مبادراته وتقديم منتجات سكنية تتفوق على النموذج التقليدي الذي اعتاد عليه المواطن الكويتي.

إن هذا القانون خطوة صغيرة في الاتجاه الصحيح، ولكنه لا يعالج أصل المشكلة الاسكانية المتمثلة في تغيير النمط العمراني الاستهلاكي الذي اعتاد عليه المواطن الكويتي، فالنمو العددي لسكان دولة الكويت، ومحدودية إيرادات الدولة، لا تسمح بالاستمرار في التوسع المتلاحق وتشجيع الإنفاق الواسع على الوحدات السكنية.

كما أن نموذج الاعتماد الكلي على مؤسسات الدولة المركزية في الاستمرار في توفير الرعاية السكنية لنسبة 100% من المواطنين، يعد نمط غير منطقي وغير صحي اقتصادياً على المدى البعيد.

ومن الناحية التخطيطية، القانون لا يلبي طموح المخططين العمرانيين، فما زال يحفز التمدد المستمر للرقعة العمرانية بوتيرة غير مستدامة، وترهق ميزانية الدولة في توفير الخدمات والمرافق، ومازال يشجع إنشاء نموذج للوحدة السكنية متمثل في قسيمة بمساحة 400 متر مربع لكل أسرة كويتية، الأمر الفريد عالمياً، والذي لا يتوافق مع طبيعة البشر المتنوعة وحاجاتهم المتغيرة.

فالقانون لن ينتج عنه تغيير على الواقع العمراني، ولن يصنع لنا مدن ذكية ولا صديقة للبيئة، ولن نرى طرق حديثة ولا وسائل نقل عام كفؤ أو مسارات للمشاة والدراجات الهوائية ولا أماكن عامة جيدة أو حدائق خضراء واسعة، ولا مباني معمارية فريدة.

ولكن في أحسن الأحوال، سيعمل القانون على تحفيز القطاع الخاص وخلق فرص استثمارية وتجارية والإسراع في إنجاز المشاريع الإسكانية، وهذا بحد ذاته إنجاز معتبر وخطوة نحو مزيد من التحول الإيجابي في معالجة القضية الاسكانية.

+ وسوم الموضوع :

إكتب تعليقك