الرئيسية » مقالات / حريق المباركية ومدينة الكويت المجروحة

حريق المباركية ومدينة الكويت المجروحة

مصنف فى :مقالات
  • زيارات : 232 | تعليقات : 0
  • بتاريخ : 13 أبريل 2022

فجعت الكويت بحادث الحريق الذي وقع في سوق المباركية (وهو أهم سوق كويتي تراثي)، وقد جاء الحريق على جزء كبير من هذا السوق، وتسبب بأضرار لا يمكن استعادتها. وقد ترك هذا الحريق جرحاً آخراً في نسيج مدينة الكويت العاصمة التي نأمل أن يتم معالجته في أقرب وقت وفي أحسن شكل.

 

إن المخاوف التي تنتاب المهتمين بالتراث والعمارة هو إهمال معالجة آثار هذا الحادث المدمر، وأن تنال الموقع آثار البيروقراطية والإهمال، والأخطر من ذلك هو التفكير في وضع بدائل تقضي على ما تبقى من هوية هذه المدينة المجروحة.

تمتلك مدينة الكويت العاصمة مقومات حيوية، كان بالإمكان أن تجعل منها مركزاً حضارياً غنياً، إلا أن سوء التخطيط والجهل أديا إلى وضعها المتردي الذي نشهده اليوم. مدينة الكويت عاصمة دولة حديثة تمتلك موارداً ماديةً كان بالإمكان توظيفها لتكون العاصمة نموذجاً حضرياً استثنائياً.

فتمتلك مدينة الكويت ساحلاً غنياً ومجموعة من الموانئ (نقع) التي كانت تمثل شريان الحياة لأهلها جميعاً. إلا أنها لم تستثمر كما يجب. كما كانت المدينة مقسمة إلى ثلاثة مناطق مميزة، (شرق وجبلة والمرقاب)، والتي كان بالإمكان تعزيزها والمحافظة على الطابع الخاص لكل منها، إلا أن مشاريع التحديث العشوائية قضت على معالمها تماماً.

 

من جهة أخرى، فقد حثت المخططات الهيكلية الأولى على أهمية تطوير مدينة الكويت والمحافظة على ما تبقى من آثارها، وأوصت بضرورة المحافظة على كثافة الاستعمالات التجارية والخدمية، وأكدت على ضرورة الحد من المباني العالية، والأهم من ذلك، أوصت بضرورة رفع نسبة السكان المقيمين داخل حدود مدينة الكويت العاصمة لتحقيق التنوع المطلوب للاستعمالات.

ولكن، ومع مرور الزمن وغياب الرؤية، توالت على مدينة الكويت سلسلة قرارات تركت آثار سلبية على طابع مدينة الكويت، وتركت عليها جروحاً مزمنةً، منها:

  • بداية بقرار التثمين الأول الذي هدم أغلب البيوت التقليدية، وقضى على النسيج العمراني التراثي للمدينة.
  • كما نفذ مشروع الدائري الأول الذي أعطى الأولوية لخدمة المركبات الخاصة، تسبب بزراعة طريق سريع يقطّع أجزاء المدينة، ويخفض من درجة الوصولية. (Accessibility)
  • بالإضافة إلى ذلك، خلال السنوات القليلة الماضية، توالت قرارات إزالة مجموعة من معالم المدينة الحديثة نسبياً إلا أنها ذات قيمة معمارية ومنها السينما الحمراء، ومجمع الصوابر، وصالة التزلج، والآن قصر العدل، وغيرها.
  • علاوة على ذلك، التردد والإهمال لمساحات خالية واسعة ضمن حدود المدينة تحولت لساحات ترابية ومواقف عشوائية للسيارات، وساهمت بتشويه المدينة.

ولعل من دواعي تدهور مدينة الكويت، وتغير طبيعة استعمالاتها وكثافاتها هو فشل التخطيط الحضري العام للدولة. فعندما توسع السوق المحلي، وتضاعف الاستهلاك، ولم يجد السوق مجالاتٍ وفرصٍ للتمدد، سعت قوى السوق لفرض إعادة تشكيل مدينة الكويت، فظهرت الأبراج العالية والأسواق التجارية الضخمة وبالتالي برزت الحاجة إلى طرق أوسع، ومباني مواقف سيارات قبيحة أدت إلى تشويه المدينة وإفساد نسيجها.

 

لذلك، فإن علاج وتطوير مدينة الكويت لا بد أن يتم وفق رؤية شاملة للدولة، وأن يؤخذ بجدية، وأن ترصد له الموارد وتذلل له العقبات وأن ترشح له الفرق المتخصصة من ذوي الأمانة والكفاءة،. ولأنها مدينة الكويت العاصمة المجروحة لا بد أن تعالج.

+ وسوم الموضوع :

إكتب تعليقك